آراء

د. علي الجابري: قـانـون تحـريـر العـراق من ايـران.. هل التـاريخ يعـيـد نفسه؟

قدم النائب الجمهوري جو ويلسون، ومجموعة من النواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مشروع “قانون تحرير العراق من ايران”، (Free Iraq from Iran)، في مطلع شهر ابريل 2025،  بهدف تقليص النفوذ الايراني في العراق ودعم استقلاله، وانهاء دور الميليشيات المسلحة الموالية لايران في العراق.

يعد المشروع من ضمن حزمة تشريعات مناهضة لايران قدمتها “لجنة الدراسات” تشمل قوانين مثل “الضغط الاقصى” و “منع الطاقة الايرانية”، وهو جزء من جهود اعادة تشكيل السياسة الامريكية تجاه العراق.

هذا القانون يعد مشابهاً لقانون سابق صدر عام 1998، والذي حمل اسم “قانون تحرير العراق”، أبان حكم الرئيس كلينتون لكنه يختلف عنه من خلال تركيزه على الوقوف بوجه الميليشيات بدلاً من النظام السياسي كاملاً.

ويتزامن تقديم هذا المشروع مع عودة دونالد ترامب لتولي الرئاسة في الولايات المتحدة، وتنفيذ خطته الاستراتيجية للضغط على ايران للحد من نفوذها الاقليمي ودعمها للميليشيات في العراق ولبنان واليمن وسوريا، وتزايد الانقسامات السياسية في العراق والرفض الشعبي للدور الذي تقوم به الميليشيات المسلحة الموالية لايران، كما يتزامن مع سقوط نظام بشار الاسد وانهيار حزب الله اللبناني مما ادى الى إضعاف “محور المقاومة”، وختاماً يتزامن مع الضربات العسكرية الامريكية المؤثرة التي شلت قدرات ميليشيات الحوثي في اليمن.

وسيشكل هذا القانون في حالة تمريره، ضربة قاصمة للنفوذ الايراني في المنطقة، فضلاً عن انه سيساهم في انهاكها اقتصادياً بعد توقف التعاملات المالية مع العراق.

اهداف المشروع

  • تقليص النفوذ الايراني في العراق، وخاصة في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية.
  • حل الفصائل والميليشيات العراقية الموالية لايران، أو دمجها ضمن القوات المسلحة العراقية، مع تصنيف بعضها كمنظمات ارهابية.
  • دعم سيادة العراق وتمكين نظامه من امتلاك القرار السياسي والاقتصادي في البلاد دون خضوع لايران، مع التركيز على دعم الديمقراطية وحرية التعبير، وتعزيز دور الاعلام المستقل.

بنود المشروع

يهدف مشروع “تحرير العراق من ايران” الى وضع استراتيجية شاملة لمواجهة النفوذ الايراني من خلال خطة تضعها وزارة الخارجية والخزانة الامريكية والوكالة الامريكية للاعلام العالمي في غضون 180 يوماً، مع تقديم خطة تنفيذية للكونغرس الامريكي خلال شهرين، تركز على حل الميليشيات المسلحة الموالية لايران في العراق، وابرزها الحشد الشعبي، ووقف المساعدات الامنية الامريكية للعراق حتى انهاء دور تلك الميليشيات في الدولة العراقية.

ويسعى القانون الى تصنيف 11 فصيلاً ميليشياوياً مسلحاً كمنظمات ارهابية وهي:

  • الحشد الشعبي
  • فيلق بدر الذي يتزعمه هادي العامري
  • لواء ابو الفضل العباس
  • ميليشيا حزب الله النجباء
  • كتائب الامام علي
  • كتائب سيد الشهداء
  • كتائب جند الامام
  • سرايا الخراساني
  • المقاومة الاسلامية في العراق
  • الكيانات المرتبطة بالحرس الثوري والتي سبق ان سجلت عليها تنفيذ هجمات ضد القوات الامريكية

كذلك يسعى القانون الى فرض عقوبات على 12 شخصية عراقية ، ابرزها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وقائد فيلق بدر هادي العامري ومستشار الامن الوطني قاسم الاعرجي ورئيس اركان الجيش العراقي عبدالامير يارالله، ورئيس المحكمة الاتحادية جاسم عبود، وبنك الرافدين وشركة تسويق النفط “سومو” .

ويدعو القانون الى دعم الاعلام العراقي الحر ومنظمات المجتمع المدني لمواجهة الدعاية الايرانية وكشف انتهاكات الميليشيات الموالية لايران.

كما يدعم المشروع تقييد التعاملات الاقتصادية بين العراق وايران، واستبدال اعتماد العراق على الطاقة الايرانية ببدائل اخرى من المملكة العربية السعودية او تركيا وغيرهما.

فرص نجاح المشروع

يعتمد اقرار هذا المشروع على مجموعة عوامل ترتبط الوضع الداخلي الامريكي والصراع التاريخي بين الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة، وسياسة كلا منهما في معالجة القضايا الخارجية، والظروف الاقليمية والدولية، لكن في كل الاحوال هناك خطوات متسلسلة يجب ان يمر بها مشروع القانون قبل ان يُعتمد او يُرفض من قبل الكونغرس الامريكي وهي كالتالي:

  • يتم البدء بدراسة المشروع من قبل لجنة الدراسات الجمهورية، وقد قام تجمع النواب الجمهوريين بإطلاق حزمة من مشاريع القوانين ضد ايران بضمنها هذا القانون.
  • من المرجح ان يدعم الحزب الجمهوري بأغلبية مطلقة هذا المشروع، لانه تاريخياً يتبنى سياسات صارمة ضد ايران، وعلى سبيل المثال، دعم الحزب الجمهوري سابقاً مشاريع مثل “قانون منع استقرار ايران في العراق”، عام 2017، الذي حظي بدعم كبير من قبل كلا الحزبين.
  • يتم البدء بدراسة المشروع وبنوده من قبل نواب الحزب الديمقراطي خلال مدة تتراوح بين (2-3) شهر.  وحتى الان يبدو ان هناك انقساماً في صفوف الحزب الديمقراطي حول دعم هذا المشروع لاسباب كثيرة.
  • بالنظر لوجود دعم جمهوري للمشروع ومشاركة بعض النواب الجمهوريين في صياغة المشروع ، يتوقع تمريره في الكونغرس، رغم وجود بنود مثيرة للجدل قد يحتج عليها النواب الديمقراطيون، كقضية حل الحشد الشعبي ومعاقبة شخصيات سياسية عراقية، ووقف المساعدات الامنية للعراق، لانها قد تؤدي الى زيادة التوترات في العراق.
  • الموقف الاقليمي من المشروع قد يلعب دوراً في اتخاذ النواب الامريكيين للقرار سواء مع او ضد، وخاصة دول الجوار المهمة مثل تركيا والمملكة العربية السعودية.
  • الوضع الداخلي الامريكي والانشغال بقضايا محلية ذات مساس بحياة المواطن الامريكي والصراع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي قد لا تضع القانون المذكور في سلم اولويات الكونغرس.
  • هناك احتمالية اقرار المشروع في مجلس النواب، لكنه يتم رفضه في مجلس الشيوخ اذا كان الحزب الديمقراطي رافضاً له وتم تمريره بالاغلبية في الكونغرس.
  • قد يتم تعديل بعض بنود المشروع، ومنها حل الحشد الشعبي وتوجيه عقوبة لبعض الشخصيات السياسية العراقية.
  • من المحتمل ان يكون التصويت النهائي على المشروع في نهاية العام الحالي وقد يتم تأجيله الى العام القادم بسبب الانشغال بالانتخابات الامريكية، على أن يبدأ التنفيذ الفوري للجزء المتعلق بالعقوبات بعد اقرار القانون مباشرة.

موقف ترامب من المشروع

من المتوقع ان يدعم الرئيس الامريكي دونالد ترامب المشروع لانه يتسق مع استراتيجيته في زيادة الضغوط على ايران للحد من نفوذها في المنطقة، وانهاء برنامجها النووي، وهو يتماشى مع حملته “الضغط الاقصى” على ايران، ومن المعروف ان ترامب دعم خلال ولايته الاولى اتخاذ قرارات صارمة تجاه ايران ابرزها الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني وفرض عقوبات اقتصادية على ايران، وليس انتهاءً باغتيال القائد العسكري الابرز قاسم سليماني. كما بدأ ترامب ولايته الثانية بإنهاء إعفاء العراق من شراء الكهرباء من ايران.

ويبدو ان السبب الوحيد الذي قد يدفع ترامب الى التردد في دعم المشروع، هو اذا ما وجد ان الكلفة المالية والعسكرية لتنفيد بنود المشروع ستكون عالية، لكنه قد يفضل الضغط السياسي والاقتصادي بدلا من ذلك.

من هو جو ويلسون

اسمه الكامل أديسون جريفز “جو” ويليسون وهو سياسي ومحام عقارات ونائب جمهوري أمريكي عن ولاية كارولاينا الجنوبية منذ عام 2001، يبلغ من العمر 77 عاماً، حيث ولد في 31 يوليو 1947،  متزوج من روكسان ويلسون ولديه اربعة أبناء، كلهم خدموا في القوات المسلحة الامريكية.

وهو من ابرز اعضاء الكونغرس الامريكي الداعمين لفكرة تحييـد ايران واضعاف نفوذها في الشرق الاوسط، وهو من الداعمين البارزين لإسرائيل ودول الخليج العربية. ويعتبر من السياسيين المحافظين، وله تاريخ في القوات المسلحة ، حيث خدم في الجيش الامريكي والاحتياط، والجيش الوطني في جنوب كارولاينا ، وهو عضو نشط في لجان الامن القومي والشؤون الخارجية منذ المؤتمر 111 وتم تعيينه في اللجنة السياسية الجمهورية المؤثرة، كذلك يرأس فريق المهام المتعلقة بالأمن القومي في اللجان الدراسية الجمهورية للمؤتمر 118. كما يشغل منصب الرئيس المشترك لمجموعة من اللجان مثل لجنة بلغاريا ، فرنسا المملكة المتحدة، كوريا، اثيوبيا، تركيا، بيلاروس، بنغلاديش، افغانستان، قطر، اسرائيل، فضلاً عن كونه عضواً مؤسساً ومشتركاً في لجنة الاتحاد الاوروبي.

ويعتبر ويلسون ابرز من يقف ضد البرنامج النووي الايراني، ووقف بالضد من الاتفاق النووي مع ايران عام 2015،  ودعا لفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية على نظام خامنئي، بما في ذلك حظر صادرات الطاقة الايرانية. كذلك يدعم فكرة استمرار الوجود العسكري الامريكي في العراق ويعتبرها اداة لمراقبة ايران وحماية المصالح الامريكية في المنطقة.

كان من ابرز المشاركين في صياغة حزمة قوانين ادت الى تعزيز عزلة ايران وابرزها تصنيف الحرس الثوري الايراني كمنظمة ارهابية.

سبق ان انتقد ويلسون القضاء العراقي لخضوعه لسيطرة ايران، وخص بالذكر فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الاعلى، وشكك في شرعية أحكامه في الدستور العراقي، بعد ان اصدر القضاء العراقي مذكرة توقيف بحق الرئيس الامريكي دونالد ترامب بعد اغتيال قاسم سليماني.

موقفه من اسرائيل واضحاً حيث يقدم دعماً غير مشروط لاية قضية تتعلق بأمن اسرائيل ومنها تمويل انظمة الدفاع الاسرائيلية كـ “القبة الحديدية”، كما يدعم نقل السفارة الامريكية الى القدس.

يعد من ابرز الداعمين لدول الخليج وخاصة الامارات والمملكة العربية السعودية ، فيما يتعلق بتعزيز التعاون الامني معهما وحرب اليمن وامن الممرات البحرية في الخليج.

اشتهر بصراخه “انت تكذب” خلال خطاب الرئيس الامريكي الاسبق باراك اوباما عام 2009، خلال جلسة مشتركة للكونغرس، واقترح وضع تمثال للرئيس الاوكراني زيلينسكي في “مبنى الكابيتول”

تم تسمية طريق سريع في كولومبيا بأسمه عام 2024 مما يعكس مكانته في ولايته.

رئيس تحرير صحيفة يورو تايمز السويدية الناطقة بالعربية

إقرأ أيضاً : د. علي الجابري: الحشد الثوري العراقي رهن اشارة المرشد!

زر الذهاب إلى الأعلى