صحيفة فرنسية: أحكام الإعدام سلاح نظام طهران للبقاء في السلطة
رأت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية أنّ طهران تسعى إلى ترويع السكان وإخماد الثورة التي تُهدّد بقاء الجمهورية الإسلامية، وذلك عبر إصدار وتنفيذ المزيد من أحكام الإعدام بشكل غير مسبوق سعياً لإنهاء رياح الغضب الشعبي التي تهب منذ قتل الشرطة للشابة محساء أميني في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وفي استخدام للقوة بشكل لا هوادة فيه، وخلال الأسبوعين الأخيرين فقط تمّ إعدام 65 إيرانياً فيما يبدو أنّه سلاح إضافي للبقاء في السلطة حسبما قالت “ليبراسيون”، وإجراء “مقيت” وفقاً لما وصفه المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، الذي أكّد أنّ أحكام الإعدام سجّلت ارتفاعاً بشكل مخيف لا يُصدّق.
واعتبرت اليومية الفرنسية أنّ تسريع آلة القتل وسيلة للنظام الإيراني وحرسه الثوري للحفاظ على أجواء من التخويف تجاه أولئك الذين ما زالوا يجرؤون على معارضته. إذ ومنذ بداية العام، بات يُعدم بشكل وسطي أكثر من عشرة أشخاص كل أسبوع في إيران، مما يجعلها واحدة من البلدان التي لديها أعلى عدد من الإعدامات في العالم.
وذكرت أنّه في الليلة التي تسبق تنفيذ أحكام الإعدام، عادة ما يُعرب أقارب المحكومين عن غضبهم ويأسهم بإلقاء الحجارة على بوابة السجن. ويؤدّي التجمع إلى تدخل قوي من قبل قوات الأمن التي لا تتردد في إلقاء الغاز المسيل للدموع، بل والانتقام بإطلاق النار وإسقاط جرحى.
ونقلت عن العديد من منظمات حقوق الإنسان استياءها وتنديدها بالممارسات “المروعة” وبـِ “عصر القرون الوسطى” في إيران حيث تتسارع آلة القتل الحكومية بهدف ترهيب الناس، فيما ضحاياها هم من أضعف فئات المُجتمع.
ووفقاً للمنظمة غير الحكومية “معاً ضدّ عقوبة الإعدام”، فقد تمّ إعدام ما يزيد عن 200 شخص منذ بداية العام 2023، و 582 شخص في عام 2022 (بزيادة قدرها 75٪ مقارنة بالعام السابق) بجرائم مختلفة، فيما ينتمي العديد من المحكوم عليهم إلى أقليات عرقية، وخاصة الأكراد والبلوش.
وتعتبر المناطق الحدودية مع باكستان وأفغانستان، سيستان وبلوشستان في جنوب شرق البلاد، إحدى أشد المناطق فقراً في إيران، ويشكو سكانها من التهميش والتمييز ضدّهم، لذا يجد جزء من سكانها في التهريب وسيلة للتخفيف من الوضع الاجتماعي والاقتصادي الكارثي. ورغم أنّ مجتمع البلوش على سبيل المثال يُمثّل ما بين 2 و 6% من سكان إيران، إلا أنّ أكثر من 30% من الذين يتم إعدامهم ينتمون لهذه الأقلية المُستضعفة.
افتقاد العدالة والشفافية
ويستنكر جزء كبير من السكان والمُدافعين عن حقوق الإنسان عدم وجود محاكمات عادلة وشفافة في معظم قضايا الإعدام هذه. وتُشير تقارير عديدة إلى أنّ هؤلاء الأشخاص الذين يتم إعدامهم هم موضوع اتهامات لا أساس لها وتعرّضوا للتعذيب مما أدّى إلى انتزاع اعترافات قسرية منهم، وكل ذلك بدون وجود محامين معينين للدفاع عنهم.
ولا يزال العديد من الإيرانيين ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام فيهم لما قد يكون إعداماً وشيكاً خلال الأيام القادمة. وفي محافظة خوزستان (جنوب غرب البلاد) على سبيل المثال، نُقل ستة أشخاص مؤخراً إلى الحبس الانفرادي بهدف شنقهم. كما أكدت المحكمة العليا قبل أيام حكم الإعدام الصادر بحق ثلاثة متهمين آخرين بقتل عنصر باسيدجي (عضو في فرع من الحرس الثوري الإيراني، الجيش الأيديولوجي للنظام) خلال المظاهرات الأخيرة.
24