10 أعوام بعد تولي كيم الحُكم…لا شيء تغير في كوريا الشمالية
حاول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بوسان الوطنية في كوريا الجنوبية روبرت كيلي، تفسير أسباب استقرار النظام في كوريا الشمالية، رغم استبداده وسوء أدائه الاقتصادي. وبمناسبة مرور عشرة أعوام على تولي كيم جونغ أون الحكم، كتب كيلي في موقع “1945” عن كوريا الشمالية التي تقدم نفسها اشتراكية، بينما هي في الواقع دولة أورويلية، أي استبدادية.
لا كيم الجد، أوالابن، أوالحفيد لديه تحفظات من هذا النوع، تركوا الملايين يموتون خلال المجاعة المفتعلة في أواخر التسعينات، عوض إدخال تغييرات أو إصلاحاتصممت السلالة الحاكمة في كوريا الشمالية حكمها بناءً على النموذج السوفييتي، والشمولية المتطرفة هي الأكثر بداهة فيه. لكن الجيش الكبير والاقتصاد المخطط والتشديد على العقيدة، سمات أخرى في هذا النموذج.
أيديولوجياً، تتخلى كوريا الشمالية عن الفكر الماركسي اللينيني منذ نهاية الحرب الباردة، وتستبدله بقومية مستنبطة داخلياً، وبعبادة الحاكم، وبالاكتفاء الذاتي. لكن الكثير من الهيكل الستاليني، لا يزال قائماً مثل الدولة البوليسية، ومعسكرات الاعتقال، والاشتراكية. وكانت النتيجة حسب كيلي، انصهاراً غريباً بين الإقطاعية على رأس الهرم مقترنة بهيكلية استبدادية شبه شيوعية على مستوى القاعدة.
تكرار التوقعات
تواجه هذه الهيكلية سوء أداء اقتصادي مزمناً وفساداً منتشراً على نطاق واسع، وعزلة عن اقتصاد العالم بسبب السلوك غير الشرعي وتطوير البلاد صواريخ نووية.
ويبدو ذلك إلى حد كبير مزيجاً غير مستقر. إذ يتحدث المراقبون بشكل روتيني عن انهيار محتمل لكوريا الشمالية، كما أن سيناريوهات محاكاة انهيار الشمال، أمر شائع في المؤتمرات التي تناقش الأوضاع الكورية الشمالية. ومع ذلك، لا تنهار تلك الدولة.
وكوريا الشمالية هي الآن تحت حكم الزعيم الثالث من السلالة نفسها، وتبدو الأخيرة مستقرة جداً حسب الكاتب. ولم تنفتح كوريا الشمالية على العالم الخارجي، ولم تعتنق الليبيرالية، ولم تغير أسلوب حكمها.
ولم تواجه ثورة داخلية، لا شعبية، و لا عناصر في الحكم. لم يحدث قط ما يشبه الثورات المخملية أو “العربية” أو “الملونة”. ويواصل المراقبون توقع تغييرات كبرى في كوريا الشمالية، دون جدوى.
دول ما بعد الماركسية
بالكاد تغيرت كوريا الشمالية تحت حكم كيم، وكرر عدد من المحللين أنه كان إصلاحياً، لكن يصعب تحديد تغير، أكثر من تعديلات اقتصادية ضعيفة.
إن الانفتاح الاقتصادي العميق مثل الذي حصل مع دينغ شياو بينغ في الصين، أو الانفتاح السياسي مع ميخائيل غورباتشيف في الاتحاد السوفييتي، لم يحصلا في كوريا الشمالية. حتى دول ما بعد الماركسية مثل كوبا، وموزمبيق، محكومة بشكل أفضل، وهي أكثر ارتباطاً بالعالم، وأكثر ليبيرالية من كوريا الشمالية.
مقارنة مع المعسكرات النازية
اختار كيم علناً تدهور علاقاته بالعالم بتسريع برنامجه الصاروخي النووي الذي ورثه عن والده، ما تسبب عقوبات قاسية منذ 2016 قطعت تقريباً جميع الروابط الاقتصادية الشرعية مع سائر العالم.
ومن غير المفاجئ أيضاً أن كوريا الشمالية لم تتقدم قيد أنملة في مسألة حقوق الإنسان تحت حكم كيم.
لقد قارنت الأمم المتحدة معسكرات الاعتقال في كوريا الشمالية بالمعسكرات النازية، وأوصت بتقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، لذلك يؤكد كيلي أن كيم ليس إصلاحياً.
ثلاثة أسباب
أضاف الكاتب، أن كوريا الشمالية تنتهك الكثير مما يعرفه المحللون عن العلوم السياسية والاقتصادية إلى درجة مواظبتهم على توقع انهيار قريب للنظام. ويقدم كيلي ثلاثة احتمالات قد تفسر استقرار الحكم في كوريا الشمالية.
الأول، هو إيمان الكوريين الشماليين بالعقيدة. لقد شهد المنشقون الكوريون الشماليون مراراً على حجم واختراق الأيديولوجيا للمجتمع وصراعهم للتحرر منها. إذا كان الشعب يظن أن زعيمه شبه إله فمن غير المرجح أن يلق انتفاضة مسلحة ضده.
والثاني هو أن حكام كوريا الشمالية سيقتلون أي شخص يجب قتله، ففي 2011، رفض الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك استخدام الجيش لقمع التظاهرات في ساحة التحرير. وكان للحكومات في دول أوروبا الشرقية مخاوف مماثلة من ذبح شعوبها للبقاء في الحكم في 1989.
ولكن لا كيم الجد، أوالابن، أوالحفيد لديه تحفظات من هذا النوع، تركوا الملايين يموتون خلال المجاعة المفتعلة في أواخر التسعينات، عوض إدخال تغييرات أو إصلاحات.
والثالث هو أن المعارضين الداخليين ضعاف، تتطلب الثورات عادة مسؤولين ينشقون عن النظام ويتحالفون مع تحركات شعبية في الشارع.
لكن القمع المتطرف في كوريا الشمالية يعني غياب مجموعات مقاومة خارج الحكومة. واشترى آل كيم نخب البلاد بالكماليات، ووسائل الرفاهية مثل المنازل، والسيارات، والسلع الأجنبية التي عادة ما تكون محظورة.
ربما يتواطؤ المسؤولون الحكوميون مع الحكم الدموي لسلالة كيم، ولذلك إذا انهار الحكم فإنهم سيواجهون أيضاً عدالة “ما بعد ثورية” قاسية.
المكان نفسه
يؤكد كيلي أن هذه مجرد تكهنات لكن النقطة الأهم هي أنه في الذكرى العاشرة لاعتلاء كيم جونغ أون سدة الحكم، يبقى الأخير غير إصلاحي، وتبقى كوريا الشمالية المكان نفسه الذي كانت عليه منذ عقد من الزمن، مكان يطغى فيه الاستبداد، والفقر، وعبادة الشخص، والعسكرة الشاملة.
ويرجح كيلي في الختام استمرار الأوضاع على النحو نفسه خلال العقد المقبل.
24
شاهد ايضا: اجواء الاحتفالات بأعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة في لافاييت باريس