خوفاً من جواسيس إسرائيل..حزب الله يؤجل تعيين زعيم جديد
أكد مسؤولان إيرانيان كبيران، أن مقتل أمين عام حزب الله اللبناني، حسن نصرالله، دفع إيران إلى التحقيق الشامل في اختراقات إسرائيلية في إيران، للحرس الثوري، وكبار المسؤولين الأمنيين.ونقلت رويترز عن مسؤول، إن حملة اعتقالات في إيران ركزت بشكل خاص على الذين يسافرون إلى الخارج أو لديهم أقارب خارج إيران. وأضاف أن طهران أصبحت تشك في بعض أعضاء الحرس الثوري الذين كانوا يسافرون إلى لبنان. وتابع المسؤول أن المخاوف ظهرت عندما بدأ أحدهم يسأل عن مكان نصر الله، والاستفسار بشكل خاص عن المدة التي سيبقى فيها في أماكن بعينها.
وأعلن المسؤول ذاته، أن المعني بالأمر اعتقل مع آخرين، بعد إثارة القلق في دوائر الاستخبارات الإيرانية، مشيراً إلى أن عائلة المعتقل انتقلت خارج إيران، دون تحديد هوية المشتبه به أو أقاربه.
وأكد المسؤول الثاني أن اغتيال نصر الله أثار الشكوك المتبادلة بين طهران وحزب الله، وداخل الحزب، وأضاف “انعدمت الثقة التي كانت تربط كل شيء”.
وقال مصدر ثالث مقرب من المؤسسة الإيرانية إن الزعيم الأعلى “لم يعد يثق في أحد”. وقال مصدران من حزب الله ومسؤول أمني لبناني في يوليو (تموز) إن ناقوس الخطر دق بالفعل في طهران، وحزب الله بعد الشكوك في اختراق الموساد للحزب بعد مقتل فؤاد شكر القيادي الكبير في الحزب في يوليو (تموز) في غارة جوية إسرائيلية على موقع سري في بيروت أثناء اجتماع مع قائد في الحرس الثوري الإيراني. واغتيل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس بعد ذلك بساعات قليلة في طهران.
وخلافاً لاغتيال هنية، أعلنت إسرائيل علناً مسؤوليتها عن مقتل شكر، وهو شخصية قليلة الظهور لكن نصر الله وصفه في جنازته بشخصية محورية في تاريخ حزب الله لأنه ساهم في بناء أهم قدراته.
وتعود المخاوف الإيرانية من اختراق إسرائيل لصفوفها العليا إلى سنوات مضت. ففي 2021، قال الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد ،إن رئيس وحدة الاستخبارات الإيرانية التي كان يفترض أن تستهدف عملاء الموساد، كان هو نفسه عميلاً للجهاز الإسرائيلي، وقال لشبكة “سي.إن.إن ترك” إن إسرائيل حصلت على وثائق حساسة عن البرنامج النووي الإيراني، في إشارة إلى عملية نفذتها إسرائيل في إيران في 2018.
وفي 2021 أيضاً، قدم رئيس المخابرات الإسرائيلي المنتهية ولايته يوسي كوهين تفاصيل عن العملية، قائلاً لـ”بي.بي.سي” إن 20 عميلاً غير إسرائيلي للموساد شاركوا في سرقة الأرشيف من أحد مخزن.
تحذير من أجهزة البيجر
وقال المسؤول الأول إن دعوة خامنئي لنصرالله للانتقال إلى إيران جاءت بعد انفجار آلاف أجهزة البيجر، وأجهزة الووكي توكي التي يستخدمها الحزب في هجمات أدت لمقتل العشرات في 17 و18 سبتمبر (أيلول).
وأضاف المسؤول أن نصر الله كان واثقاً في إجراءات تأمينه وفي دائرته الداخلية تماماً، رغم المخاوف القوية التي أبدتها طهران من احتمال وجود عملاء في حزب الله.
وحاول خامنئي مرة ثانية، ونقل رسالة أخرى من خلال عباس نيلفروشان إلى نصر الله الأسبوع الماضي، وحثه على مغادرة لبنان والانتقال إلى إيران كونها مكاناً أكثر أماناً. لكن نصر الله أصر على البقاء في لبنان، كما قال المسؤول.
وذكر المسؤول أن عدة اجتماعات رفيعة المستوى عقدت في طهران في أعقاب انفجارات أجهزة البيجر لمناقشة سلامة حزب الله ونصر الله، لكنه رفض الكشف عن هوية من حضر تلك الاجتماعات.
وفي الوقت نفسه، بدأ الحزب الله في لبنان تحقيقاً كبيراً لتطهير صفوفه من الجواسيس الإسرائيليين، واستجوب مئات الأعضاء بعد تفجيرات البيجر، حسب ثلاثة مصادر في لبنان.
وقال مصدر في حزب الله إن نبيل قاووق، المسؤول الكبير في حزب الله، الذي اغتالته إسرائيل أيضاص، كان يقود التحقيق. وأضاف المصدر أن التحقيق كان يتقدم بسرعة، قبل مقل قاووق في غارة إسرائيلية، بعد يوم من اغتيال نصرالله.
وأوضح المصدر أن قاووق استدعى مسؤولين في حزب الله شاركوا في عمليات لوجستية وآخرين “شاركوا أوتوسطوا أوتلقوا عروضاً على أجهزة البيجر والووكي تووكي”. وأضاف المصدر أن “تحقيقاً أعمق وأكثر شمولاً” وتطهيراً مطلوباً الآن بعد مقتل نصر الله وقادة آخرين.
وقال علي الأمين رئيس تحرير موقع”جنوبية” الذي يركز على الطائفة الشيعية وحزب الله، إن التقارير تشير إلى أن حزب الله احتجز مئات للاستجواب بعد أزمة أجهزة البيجر.
وقالت سبعة مصادر إن حزب الله يعاني بعد مقتل نصر الله في مخبئه تحت الأرض في مقر القيادة، بعد صدمة نجاح إسرائيل في اختراق الجماعة. ووصف مهند الحاج علي، نائب مديرة الأبحاث في مركز مالكوم كير–كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت الذي يركز على إيران وحزب الله، الهجوم بـ “أكبر اختراق استخباراتي من إسرائيل” منذ تأسيس الحزب بدعم من إيران في الثمانينيات.
خليفة نصرالله
وقالت أربعة مصادر مطلعة داخل حزب الله إن الهجوم الإسرائيلي والخوف من مزيد من الهجمات عليه، منعا حزب الله من إقامة جنازة في البلاد تعكس مكانة نصر الله الدينية، والقيادية.
وقال مصدر من حزب الله: “لا يمكن لأحد التصريح بإقامة جنازة في هذه الظروف”، مبدياً أسفه على الوضع الذي لم يسمح للمسؤولين والزعماء الدينيين بتكريم الزعيم الراحل بالصورة الملائمة.
ودُفن يوم الإثنين على نطاق محدود عدة قادة قتلوا الأسبوع الماضي، وتوجد خطط لإقامة مراسم دينية ملائمة بعد انتهاء الصراع.
وذكرت المصادر اللبنانية أن حزب الله يمعن التفكير في إصدار فتوى دينية لدفن نصر الله مؤقتاً، ثم إقامة جنازة رسمية حينما يكون الوضع سانحاً.
وأضافوا أن حزب الله يمتنع عن تعيين خلف لنصر الله بشكل رسمي، ربما لتجنب اغتياله.
وقال علي الأمين: “تعيين أمين عام جديد قد يكون خطراً إذا اغتالته إسرائيل بعدها مباشرة”، وأضاف “لا يمكن للجماعة المخاطرة بمزيد من الفوضى بتعيين شخص فقط لتشهد اغتياله”