سؤال المليون يورو يُثير جدلاً في وزارة الدفاع الفرنسية
أثار استخدام الفرقاطات الفرنسية في البحر الأحمر صواريخ “أستر 15” باهظة الثمن في الأشهر الأخيرة لاعتراض طائرات مسلحة صغيرة بدون طيار، جدلاً واسعاً وشكّل معضلة أكثر تعقيداً مما تبدو، وتساءل محللون سياسيون فرنسيون “هل يجب علينا إطلاق صواريخ بقيمة مليون يورو مقابل إسقاط طائرات بدون طيار بقيمة 20 ألف دولار؟
وفي وزارة الدفاع الفرنسية كما هو الحال في البنتاغون الأمريكي يُثار الجدل اليوم حول إسقاط طائرة بدون طيار باستخدام صواريخ باتريوت أو أستر المُضادة للطائرات، والتي يُكلّف إنتاجها عدّة ملايين. ووصف رئيس رابطة الصحافيين الفرنسيين العاملين في مجال الدفاع غيريك بونسيت، هذا الجدل بسؤال المليون يورو.
ففي مواجهة الطائرات المسلحة بدون طيار الصغيرة وغير المكلفة التي يستخدمها المتمردون الحوثيون، أطلقت الفرقاطات الفرنسية مراراً صواريخ أستر 15 متوسطة المدى، والتي تُقدّر تكلفة الوحدة منها بأكثر من مليون يورو. وفي أوكرانيا، يُطرح السؤال أيضاً، إذ في مواجهة نفس الطائرات بدون طيار إيرانية الصنع “شاهد”، التي تبلغ تكلفة الوحدة منها حوالي 20 ألف دولار، تستخدم كييف أنظمة دفاع جوي أمريكية وأوروبية باهظة الثمن.
وقد لخّص ذلك من وجهة نظر حسابية بحتة الجنرال تييري بوركارد، رئيس أركان الدفاع بالجيش الفرنسي، خلال مؤتمر شارك به في ديسمبر (كانون الأول) 2023، بالقول إنّه عندما تقتل طائرة “شاهد” بصاروخ “الأستر”، فإنّ “شاهد” في الواقع هي التي تقتل “الأستر”. ولكنّ الحساب يُمكن تقييمه من زاوية أخرى أكثر دقة برأيه.
قيمة ما تتم حمايته أهم
من جهته، قال الأدميرال في الجيش الفرنسي إيمانويل سلارز، قائد المنطقة البحرية في المحيط الهندي، في يناير (كانون الثاني) 2024، خلال مؤتمر صحفي للقوات البحرية الفرنسية، إنّ مقارنة تكلفة الطائرة بدون طيار المُهاجمة بتكلفة الصاروخ الاعتراضي هي عبارة عن “تحليل قصير النظر إلى حدّ ما”، مؤكداً أنّ “التكلفة التي يجب أخذها في الاعتبار ليست فقط تكلفة الصاروخ الذي نستخدمه لتدمير الطائرة، ولكن أيضاً تكلفة ما نحميه”.
وأوضح “في هذه الحالة، كان الأمر يتعلق بحماية بحّارتنا وقاربهم، لأنه خلال هجمات 9 و11 ديسمبر (كانون الأول) على سبيل المثال، لم يكن هناك شك في حقيقة استهداف الفرقاطة لانغدوك، وبالتالي لا يوجد أي مخاوف أو حسابات بشأن حمايتها”.
وأضاف الأدميرال أنّ السفن الحربية الغربية الموجودة في المنطقة تقوم اليوم أيضاً بصدّ هجمات الميليشيات الحوثية وحماية سفن حاويات البضائع وناقلات النفط الأخرى التي تعبر البحر الأحمر، كممر ضروري نحو استخدام قناة السويس.
مدافع الليزر قادمة
وحول ذلك علّق غيريك بونسيت الخبير في التكنولوجيا والأسلحة، بالقول إنّه في الصراعات غير المتكافئة، التي تضع جيوشاً مجهزة بأدوات باهظة الثمن وعالية التقنية في مواجهة ميليشيات تستخدم أسلحة بسيطة ورخيصة، فإنّ معضلة تكلفة الذخيرة موجودة دائماً.
وفي مواجهة هذه المواجهات المكلفة، تُضاعف وكالات الأبحاث في الجيوش الغربية جهودها لتطوير حلول اعتراضية غير مكلفة، وبشكل خاص فإنّه في مواجهة الطائرات بدون طيار والصواريخ، فإنّ السبيل الأكثر تفاؤلاً هو الليزر الذي تكاد تكون ذخائره مجانية وغير محدودة، وذلك طالما ظلّ السلاح والبنية التحتية لتوليد الطاقة قيد التشغيل.
ونقلت مجلة “لو بوان” عن فيليب جروس، كبير الباحثين في مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية الفرنسية توقعاته بأنّ نظام الليزر الأوّل “من المُحتمل جداً أن يكون جاهزاً للعمل قريباً”.
لكنّ الباحث أضاف أنّه “لا يُمكن لأشعة الليزر الحالية سوى اعتراض الصواريخ والطائرات الصغيرة بدون طيار، فيما سيحتاج الجيل الثاني (الذي قد يُنتج خلال ثلاث إلى ست سنوات) بضع عشرات من الكيلووات من الطاقة وسيكون قادراً على اعتراض الصواريخ التي تنطلق دون سرعة الصوت”.