نزار العوصجي: رسالة الى رجال الدين
شهر رمضان المبارك على الابواب ، سنشهد فيه العديد من الخطب الرنانة و الدعوات و الحكم و المواعظ ، يلقيها شيوخ و رجال دين و معممين ، الى جانب اللقاءات التلفزيونية و الفضائية ، تحدثون فيها عن فضيلة الشهر و حرمته و عن سماحة الدين و اخلاقه ..
هل يعلم هؤلاء ان الدين هو طريقة الحياة التي يجب على المسلمين تبنيها للامتثال للشريعة الإسلامية ، بما في ذلك المعتقدات و الأفعال ، فالدين هو مجموعة المعتقدات التي جاءت بها الديانات السماوية ، كما انه نظام اجتماعي ثقافي من السلوكيات و الممارسات المعينة ، و الأخلاق و النصوص و الأماكن المقدسة ، و النبوات التي تربط الإنسانية بالخالق عز و جل ..
ما يدعوا الى الأستغراب ان تلك الدعوات و الحكم و المواعظ توجه الى العامة من الناس ، لا تنطوي على انتقاد للمحصنين من السياسيين و سراق المال العام ، كما انها تخلوا من دعوتهم باسم الله و الرسل و الائمة الأجلاء و كافة الرسالات السماوية ، لان ينظروا بعين الرحمة و المسؤولية الأخلاقية و الأنسانية ، الى ابناء الشعب العراقي ، المبتلى بشخوص يتخذون من الدين وسيلة للتسلط على رقاب أبنائه ، و من المرجعية غطاء ليعيثوا في الارض فساداً ، فيرتكبوا ابشع الجرائم بحقه ..
واحد و عشرون عاماً عجاف مرت و هم يتخذون من الدين وسيلة للوصول الى مأربهم ، و من المراجع غطاء ليتسلطوا على مقدرات البلاد و خيراته ، يسرقون و ينهبون و يقتلون و يهجرون و يدمرون باسم الدين ، دونما وازع من ضمير ، دون ان تهتز لديهم قيم الغيرة او الشرف . يشرعون مايحلوا لهم ، و يحللون و يحرمون ما تقتضيه مصالحهم الشخصية و الفئوية و الحزبية ، حتى لو كان ذلك على حساب مصلحة الوطن و شعبه ..
من اجل ذلك جاء ندائنا هذا لكم ، لنناشدكم باسم الدين ، و باسم المذهب ، و باسم الإمام الحسين عليه السلام ، الذي استشهد ثائراً ضد الظلم ، نناشدكم باسم الأنسانية و اليتامى والارامل ، و باسم الامهات الثكالى المفجوعات بابنائهن ، الذين توزعوا ما بين شهيد و سجين و مفقود ، و الجياع و المعوزين في بلد الخير و الثروات التي حباه الله بها ، و هم منها محرومون ..
نناشدكم من اجل الحفاظ على وحدة العراق ومنع التقسيم ، و من اجل مستقبل هذا البلد و من أجل حق الأجيال القادمة في الحياة الحرة الكريمة ، ان تسموا الفاسدين بأسمائهم ، و ان تعلنوا بصوت عال برائتكم منهم ، و انكم لا تدعمون هذه الفئة الباغية ، ليتمكن الشعب من الخلاص منهم ..
فبمجرد ان تعلنوا موقفكم الصريح في التخلي عنهم ، سيتساقطون كتساقط اوراق الشجر في فصل الخريف . و لن يجدوا من يساندهم سوى من هم على شاكلتهم من المنتفعين و العملاء ، و لن يحصدوا في اية انتخابات سوى ما يستحقون من الخيبة و الذل و من رفض الشعب العراقي الاصيل لهم ..
ان كنتم تتصورون ان دعمكم لهؤلاء الفاسدين ، من مدعي السياسة و الدين ، هو نصرة للدين و المذهب فانتم واهمون ، ذلك لانهم ابعد ما يكون عن هذا و ذاك ، و الصفحات السوداء لأعمالهم و فسادهم و سحت و سرقة للمال العام ، هو الذي أوصل البلاد إلى الإنهيار الإقتصادي الكامل ، و وضعه على طريق التقسيم هو خير دليل على ذلك ، متخذين من دعمكم و إسنادكم غطاء لهم ليستمروا في غيهم و اجرامهم ، رغم أنف الشعب المقهور و المغلوب على أمره ، و المستغرب و المستنكر لدعمكم ( الظاهر للعيان ) لهؤلاء الفاسدين ، و سكوتكم عن تسميتهم ، و اغفالكم لامكانيات الكثيرين غيرهم ، و اعطاء الفرصة لابناء الشيعة الشرفاء ، القادرين على ادارة الدولة بالشكل المطلوب ، لإيصال سفينة العراق الى بر الامان ، و بذلك تتعزز صورتكم أمام الشعب ، بعد ان اهتزت ثقته بالطبقة السياسية التي تعلق كل اثامها في عبائتكم ، لذا نجد البسطاء يتطلعون اليكم ان تقوموا بدوركم في إنقاذهم من محنتهم و مأساتهم ..
انها الفرصة الاخيرة لهذا البلد الجريح و شعبه المظلوم ، بعد ان بلغ السيل الزبى .. فاما ان تقفوا مع الشعب و هذا هو أمله فيكم ، بما يحتمه عليكم دوركم الشرعي و الديني و الأخلاقي .. تلك هي المباديء التي وقفت معها المرجعية و جاهدت من اجلها في ثورة العشرين الخالدة ، التي قادها الشرفاء ضد ظلم الاحتلال البريطاني ، نصرةً للحق و المبادئ .. وهذا مايرجوه كل مظلوم ، و اما ان تستمروا في دعمكم لهذه الاحزاب الفاسدة ، التي دمرت العراق و نهبت خيراته و قتلت ابناءه ، و هجرت كفاءاته ، و شردت عوائله و استولت على مقدراته ..
عندها سيسأئلكم الحق سبحانه ، و ستقع عليكم المسؤولية امام خلقه وأمام التاريخ ، بما وقع و سيقع من اثم بحق هذا الشعب المظلوم ..
اللهم قد بلغت .. اللهم فاشهد …