كليجدار أوغلو يعد ببزوغ “ربيع” جديد لتركيا
مع تعثر الاقتصاد التركي وبعد حصوله على تأييد ستة أحزاب، بدا كمال كليجدار أوغلو مفعماً بالثقة قبل الانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد متوقعاً فوزه بها وبزوغ فجر “ربيع” جديد لتركيا بعد عقدين تولى فيهما رجب طيب أردوغان مقاليد السلطة في البلاد.
لكن آماله في القيادة نحو حقبة جديدة تبددت بعد أن أظهرت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية تقدم أردوغان، بصورة تجعل من الصعب على مرشح المعارضة تحقيق النصر في جولة الإعادة المقررة في 28 مايو (أيار).
ويحمل كليجدار أوغلو، رئيس أكبر حزب معارض في تركيا، آمال ناخبين يتشوقون ليوم يرون فيه نهاية لحكم أردوغان “الاستبدادي”.
ورغم افتقاره إلى الكاريزما التي يتمتع بها منافسه، سعى كليجدار أوغلو لحشد أصوات الناخبين من خلال برنامج انتخابي شامل وإطلاق الوعود ببدء حقبة ديمقراطية جديدة للبلد الذي يبلغ عدد سكانه 85 مليون نسمة، بما في ذلك العودة إلى نظام الحكم البرلماني واستقلال السلطة القضائية التي يقول منتقدون إن أردوغان استخدمهما في قمع المعارضة.
كما وعد بإنهاء السياسات الاقتصادية غير التقليدية التي يقول منتقدو أردوغان إنها تسببت في ارتفاع التضخم وأزمة غلاء المعيشة التي استنزفت شعبيته، إلى جانب استعادة العلاقات الطيبة مع الغرب.
ولم يظهر كليجدار أوغلو، 74 عاماً، أي علامة تدل على استسلامه بعد نتائج الجولة الأولى الأحد، متهماً حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان بالتدخل في فرز الأصوات وإعلان النتائج وهو ما نفاه الحزب.
وقال كليجدار أوغلو لأنصاره مع بدء إعلان النتائج “رغم كل الافتراءات والشتائم، لم يحصل أردوغان على النتيجة التي كان يتوقعها”.
وأضاف “الفوز في الانتخابات لا يكون من الشرفة”، في إشارة إلى الخطاب الاحتفالي الذي ألقاه أردوغان لمؤيديه من شرفة مقر حزبه.
وتابع قائلاً “إذا قالت أمتنا إنه ستكون هناك ‘جولة ثانية’ فليكن ذلك. سنفوز بالتأكيد في هذه الانتخابات في الجولة الثانية. سيرى الجميع ذلك”.
لا رؤية واضحة؟
تقدم أردوغان في الانتخابات بعد حصوله على 49.5% من الأصوات الأحد وهو أقل من مستوى% اللازم للفوز من الجولة الأولى، بينما حصل كليجدار أوغلو على 45%.
وقد تتوقف فرص كليجدار أوغلو في الفوز بالانتخابات على تأييد سنان أوغان، المرشح القومي الذي حل في المركز الثالث بعد حصوله على 5.2% من الأصوات.
لكن أوغان قال إنه لن يدعم كليجدار أوغلو في جولة الإعادة إلا إذا وافق على عدم تقديم تنازلات لحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد الذي أيد كليجدار رغم أنه ليس جزءاً من تحالف المعارضة.
ويقول منتقدون إن كليجدار أوغلو -الذي سخر منه أردوغان بعد تعرضه لهزائم متكررة في الانتخابات كرئيس لحزب الشعب الجمهوري- يفتقر إلى قدرة خصمه على الحشد ولا يمتلك رؤية واضحة لحقبة ما بعد أردوغان.
ويعلق كليجدار أوغلو آماله في الفوز على فوز المعارضة في 2019 عندما هزم حزب الشعب الجمهوري حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان في إسطنبول ومدن كبيرة أخرى في الانتخابات المحلية، وذلك بفضل دعم ناخبي أحزاب المعارضة الأخرى.
وسعى كليجدار أوغلو إلى حشد الأتراك من مختلف الأطياف في تحالف يضم قوميين وإسلاميين وعلمانيين وليبراليين.
وتساءل منتقدون عما إذا كان بإمكانه الحفاظ على مثل هذا التحالف في حالة الفوز في الانتخابات.
وعمل كليجدار أوغلو قبل دخوله عالم السياسة في وزارة المالية ثم شغل منصب رئيس مؤسسة التأمين الاجتماعي التركية خلال معظم فترة التسعينيات. ودأب أردوغان في خطاباته على انتقاد أداء كليجدار أوغلو عندما كان في ذلك المنصب.
كان كليجدار أوغلو خبيراً اقتصادياً وأصبح نائباً في البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري في عام 2002، عندما وصل حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان إلى السلطة لأول مرة.
وحزب الشعب الجمهوري المنتمي ليسار الوسط هو حزب أنشأه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، ويجد صعوبات في محاولة تجاوز أصوله العلمانية والتقرب من المحافظين.
وتحدث كليجدار أوغلو خلال السنوات الماضية عن الرغبة في مداواة الجروح القديمة مع المسلمين المتدينين والأكراد.
وصعد كليجدار أوغلو إلى صدارة المشهد في حزب الشعب الجمهوري باعتباره مناهضاً للفساد، وظهر على شاشة التلفزيون ملوحاً بملفات أدت إلى استقالات لمسؤولين رفيعي المستوى. وبعد عام من خسارته سباقاً على رئاسة بلدية اسطنبول، انتُخب زعيماً للحزب في عام 2010 دون أي منافسة وهو ما عزز آمال الحزب في بداية عهد جديد.
لكن التأييد لحزب الشعب الجمهوري فشل منذ ذلك الحين في أن يتجاوز حاجز 2%. وكان حزب العدالة والتنمية قد حصل على 43% في أحدث انتخابات برلمانية عام 2018.
لكن البعض يرون أن كليجدار أوغلو أدخل بعض الإصلاحات على الحزب وهمش “الكماليين” المتشددين، بينما ساند أعضاء يُنظر إليهم على أنهم أكثر التزاماً بقيم الديمقراطية الاجتماعية الأوروبية.
ويقول منتقدون إنه أخفق في إضفاء المرونة على حزب الشعب الجمهوري وفرض نفسه في النهاية مرشحاً رئاسياً متجاوزاً آخرين أظهرت استطلاعات الرأي أنهم أفضل منه في مواجهة أردوغان.
وُلد كليجدار أوغلو في إقليم تونجلي بشرق البلاد، وينتمي إلى الطائفة العلوية وهم أقلية تنتشر فيها أفكار شيعية وصوفية وتقاليد منطقة الأناضول. ويغلب السنة على سكان تركيا.
ويطلق الإعلام التركي عليه لقب “غاندي كمال” نظراً للشبه الكبير بينه وبين السياسي الهندي الراحل، المهاتما غاندي، بسبب نظارته الطبية ومظهره البسيط. ونال كليجدار أوغلوا استحساناً كبيراً من الناس في عام 2017 عندما أطلق “مسيرة من أجل العدالة” لمسافة 450 كيلومتراً من أنقرة إلى إسطنبول بسبب اعتقال نائب من حزب الشعب الجمهوري.
رويترز