د. عبدالرزاق محمد الدليمي: عندما تنهار الاخلاق
سألني احد الاصدقاء،مارأيك بأدارة شياع السوداني لوزارته؟ كانت اجابتي على شكل شرح معادلة علمية تستخدم كبديهيات في علوم الادارة وهي ان المقدمات الصحيحة+ عمليات تنفيذية صحيحة + بيئة سليمة = النجاح الاكيد.
فقلت له هل ترى ان اركان هذه المعادلة متحققة في وزارة محمد شياع او حتى الذين سبقوه فأجاب بدون تردد كلا،قلت اذن الامور لاتبشر بأي خير،وهنا لانريد ان نلقي اللوم في الفشل على شياع،بل ربما سيكون هو ضحية للظروف التي قد يجعلوه جماعات الاطار المختلفون في مصالحهم المتفقون على الفساد والتآمر على العراق وشعبه كبش الفداء لجرائمهم وفشلهم الاكيد منذ ان سلطهم المحتل على مقدرات البلد بعد نيسان 2003.
سألت إنديرا غاندي والدها الزعيم جواهر لال نهرو :ماذا يحدث لو سيطرالفساد على مجتمع ؟رد عليها : ينهار الإقتصاد… قالت لوالدها : وماذا يحدث بعد إنهيار الإقتصاد ؟أجابها : تنهار الأخلاق… ألحت أنديرا فى السؤال على والدها : وماذا يحدث أيضاً لو أنهارت الأخلاق ؟ رد عليها بمنتهى الحكمة :وما الذي يبقيك فى بلد أنهارت أخلاقها.
بدأ الفساد في العراق بتطبيق الاحتلال كل ماتم التخطيط له قبل عام 2003،وتم وضع كل شيء في مكانه،وكلفوا المنحرفين الذي ساقوهم كالنعاج لحضور مؤتمرا لندن واربيل، وكلفوا بتنفيذ ديمقراطية هجينة ،أي ديمقراطية النخبة الفاسدة فقط كما هو حاصل اليوم،وعزلها عن الجمهور العام،واغراقها في ترف فوق الخيال،واسقاطها بفتح خزائن المال وتوثيق جرائمهم ابتداءا من السرقة الى الخيانة العظمى الى القتل والتغييب صوتا وصورة ،ناهيك عن تدمير الذاكرة ،وتقرر قبل الاحتلال ان تكون رواتب قادة الحكم،بما في ذلك” رواتب البرلمان” مرتفعة جدا لكي يتم شراء الذمم والضمائر،وغالبيتهم من الحفاة فاقدي الشرف والوطنية،وماضيهم الانتهازي،وتم اختيارهم بعد دراسة كل فرد دراسة مجهرية،وتم تشكيل نخبة اعلامية من النكرات الشرسة في بودابيست ولندن وواشنطن،وزجها قبل الاحتلال في القنوات التلفزيونية للترويج لهم وللاحتلال في المرحلة اللاحقة.
بعد 2003 تم زج العراق في تعددية شاذة ومشهد فوضوي مترهل هو مزيج من العنف والعنف المضاد، وتميزت إدارة العملاء للسلطة بنقلهم للصراعات والممارسات الحزبية المتخلفة التي كانوا يعيشون في اجوائها إلى مؤسسات وإدارات الدولة ودهاليز الحكومة، ولم يستفيدوا بشكل جيد من الدعم الدولي تجاههم، واليوم وبعد 20 عاما على احتلال العراق، فشلت ماتسمى بالعملية السياسية التي ولدت معوقة، رغم كل ما وفره الاحتلال امن ظروف مناسبة لاقتحامها من قبل أحزاب وكتل وقوى سياسية طائفية مناطقية متخلفة تعتمد الهرطقات واللاهوتيات في تسيير الحياة السياسية وإلادارية والتنظيمية الواهية الغريبة عن كل ماهو حضاري وعراقي ، لقد خطط الاحتلال لعمل هذه الأحزاب في ثلاثية غريبة عجيبة وهي ثلاثية الشيعة والسنة والكرد بديلة عن مفهوم المواطنة الحقيقية،والملفت بكل ماقامت به هذه الاحزاب وتستمر عليه انها تثبت في كل يوم اكثر من سابقه انها لاتؤمن بوجود الله أو يوم الحساب جراء ما يقترفه المسؤولين من ابشع الجرائم بحق الشعب العراقي لاسيما القتل والتغييب والسرقات ونشر الفساد والرذيلة في مجتمع كان الاكثر تحصنا وقيما في المنطقة قبل الاحتلال.
في لقاء تلفزيوني اجرته معه قبل اسبوع احدى القنوات العراقية مع الخبير النفطي العالمي ووزير النفط في النظام الوطني الاستاذ عصام الجلبي،تحدث عن الكوارث التي اصابت ولاتزال العراق وشعبه جراء اطلاق يد هؤلاء العملاء الفاسدون، للهيمنة والسيطرة على مقدرات العراق وشعبه…..قال عصام الجلبي ان ايراد العراق المالي منذ اكتشاف النفط فية وحتى جريمة الاحتلال نيسان عام 2003 تقريبا بلغ 230 مليار دولار امريكي بينما دخل العراق منذ الاحتلال اكثر 1350 مليار دولار امريكي،وتساءلت مقدمة البرنامج عن مصير هذا الكم الهائل من الاموال واين ذهبت؟والجواب واضح ذهب لجيوب العملاء من سياسيي اخر زمن والى سلطانهم نظام الولي السفيه.
من حق الشعب العراقي أن يعرف اسرار دمار بلده ومن شارك فيه من الخارج.تم قبل الاحتلال، تشكيل مؤسسة حكم من اطراف متعادية،خليط من معارضة سابقة ،وتقرر احياء القبلية لأنها مع برلمان فاسد ومترف وساسة لصوص وعناصر حكم من النظام القديم تعاني من انكشاف الماضي، قابلة للخنوع،وهذه التكوينات ليس من مصلحتها بعد الافساد المبرمج اي تغيير،وتقرر ابعاد العناصر” اصحاب الرؤوس الحارة” من يساريين ووطنيين ومثقفين نجباء ونقابيين عن مؤسسة الحكم،وليس امام هؤلاء، حسب المخطط، غير الاندماج في مؤسسات الحكم،
أو الاقصاء او الاغتيال ونفذوا الحالتين،ونُسبت الى منظمات ارهابية تحت اليد او بالاختراق.
اذن كل شيء كان معداً ومخططاً من نوع النظام الحاكم،الى تشكيل طبقة فاسدة في السياسة والاعلام،وتصفية العناصر الوطنية بالكاتم او التشهير، وسرقة الثروات في اقذر وليمة للسطو على شعب،غيبوه بالبحث عن الخدمات والمفخخات والمسرحيات،حتى صار لا يعرف هل هو شعب أم علبة دهن؟هل هو جمهور ام قطيع؟هل هو يعيش في وطن أم مبغى سياسي؟ لماذا يبدو البعض” مخروعاً” مما يجري؟مالذي شاهده وصُدم؟هل عرف برواتب المسؤولين المعوقين عقليا واعضاء البرلمان،ورجال يحسبون على الاسلام بهتنا وعدوانا”؟
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز