تحقيقات ومقابلات

قبل انتخابات الأحد.. غلاء المعيشة في تركيا يهدد أردوغان

لن يصوت حكيم إكينجي، مصفف شعر من إسطنبول طالما أيد الرئيس التركي لرجب طيب أردوغان في انتخابات الأحد المقبل، بسبب السياسات الاقتصادية التي أتت على القوة الشرائية للأتراك، وتركت الكثيرين غير قادرين على شراء حتى المواد الغذائية الضرورية.في السنوات العشر الأولى له في السلطة تمكن أردوغان وحزبه من الحفاظ على قاعدة الناخبين المؤيدة لهما، المكونة أساساً من الأتراك ذوي الدخل المنخفض، والمسلمين المحافظين، عبر نمو اقتصادي قوي.
لكن أزمة غلاء المعيشة التي أثارها برنامج أردوغان الاقتصادي غير التقليدي منذ عام ونصف العام، أدت إلى تآكل شعبيته، ليواجه أكبر التحديات الانتخابية في 20 عاماً قضاها في السلطة.
وتظهر بعض استطلاعات الرأي أن نسبة تأييد أردوغان أقل من خصمه الرئيسي كمال قليجدار أوغلو قبل الجولة الأولى من التصويت  يوم الأحد المقبل، رغم أن الفارق تقلص في الآونة الأخيرة. ولا يزال الغموض يكتنف السباق البرلماني، مع احتمال فوز المعارضة بأغلبية ضئيلة.
قال إكينجي، بينما توقف مؤقتاً عن قص شعر أحد العملاء في صالونه ببشكطاش في إسطنبول: “اعتدنا على شراء ملء ثلاثة إلى أربعة أكياس من البقالة بـ 150 إلى 200 ليرة (7.7 إلى 10 دولارات). لم نكن أنا وزوجتي نقدر على حملها. الآن بالكاد يمكننا ملء كيسين”.
وأضاف “يمكنني أن أقول إن المسؤولين يتحكمون فينا. أعتقد أن الأمر بسبب بقرارات خاطئة اتخذوها. اعتدت أن أكون من مؤيدي حزب العدالة والتنمية، لكني لا أفكر في التصويت لصالحهم”.
وتمثل آراء إكينجي ملايين الأتراك الذين اضطروا للتعامل مع التضخم الجامح منذ سنوات. وارتفعت أسعار المواد الغذائية 54% على أساس سنوي في أبريل (نيسان)، مع انخفاض التضخم إلى 43.7% بعد أن بلغ ذروته في أكتوبر (تشرين الأول) عند 85.5%، وهو أعلى مستوى خلال حكم أردوغان.
وظل التضخم السنوي أكثر من 10% في السنوات الخمس الماضية، تقريباً منذ الانتخابات العامة في 2018. وبدأ يرتفع بشدة بعد أزمة العملة في أواخر  2021، والتي نجمت عن تخفيض أسعار الفائدة وفقاً للسياسة الاقتصادية غير التقليدية لأردوغان.

وقال إكينجي، إنه بدأ يشك في دعمه للرئيس ولحزب العدالة والتنمية لأسباب اقتصادية بعد انتخابات 2018، واتخذ قراراً محدداً برفض التصويت لهما بعد أزمة العملة في 2021.
وخسرت الليرة التركية 44% من قيمتها في 2021 و30% في 2022. وتراجعت 76% في الولاية الرئاسية الثانية لأردوغان والتي شهدت عدة أزمات للعملة بسبب السياسات الاقتصادية غير التقليدية وتطورات جيوسياسية مثل حرب أوكرانيا، والخلافات بين أنقرة وواشنطن.
وقال إكينجي: “سعر الصرف خرج على السيطرة. لا يمكننا تحمل شيء. لم ينفذوا شيئاً قالوه، وبالتالي فإنهم لا يستحقون أي ثقة”.

أقوال وأفعال

يعمل مصفف الشعر بمفرده بعد أن اضطر إلى تسريح موظفين اثنين، وقال إنه لا يستطيع الحصول على قروض مصرفية رغم تخفيض أسعار الفائدة لأن السلطات تحد من القروض الاستهلاكية لتثبيت التضخم.
لكن العديد من الناخبين المؤيدين لحزب العدالة والتنمية يعتقدون أن أردوغان وحده يمكنه إصلاح الاقتصاد، أو يلقون باللوم على عوامل أخرى في الوضع الراهن.

وقالت حليمة دومان، وهي من سكان إسطنبول، إن الذين يرفعون الأسعار لتحقيق أرباح أكبر هم المسؤولون عن ارتفاع تكاليف المعيشة. وقالت في سوق وسط إسطنبول: “أقسم أن أردوغان يستطيع حلها بإشارة منه”.
وترى دومان أن المعارضة، بما فيها تحالف قليجدار أوغلو، لا تقوى سوى على الأقوال. وقالت: “إنهم لا يتخذون أي إجراء”.
وقال بيرول باسكان، وهو كاتب ومحلل سياسي محايد، إن أنصار أردوغان “المتعصبين” لا ينكرون أن الاقتصاد لا يسير على ما يرام كما كان في وقت سابق من عهده.

وأضاف “سبب استمرار هذا الحزب في الفوز هو أنه قدم للناخبين امتيازات مادية معينة. هذه هي المرة الأولى التي يبدو فيها هذا السحر غير مجدٍ بسبب الاقتصاد وبسبب التضخم المرتفع وتكاليف المعيشة الكبيرة”.
وقال: “لقد أضر ذلك بمالية الناس بشدة، ولهذا أعتقد أن الفوز في هذه الانتخابات لم يعد مضموناً بهذا القدر”.

لا شيء سوى الجوع

بعض الناخبين لا يثقون أن المعارضة ستخفف على الفور المخاوف الاقتصادية أيضاً. ويقول طلعت غول، وهو عامل في  أحجار الرخام لم يصوت أبداً لحزب العدالة والتنمية أو حلفائه، إنه لا يرى حالياً “سوى الجوع”، لكنه يشك في أن الأمور ستتغير للأفضل إذا فازت المعارضة.
وقال وهو يتجول في سوق المزارعين: “لقد أوجدوا على مدار 21 عاماً ماضياً تركياً لا يمكن تغييره. سيستغرق الأمر 20 عاماً لتتعافى، بغض النظر عمن س

يصل إلى السلطة. لكني أريد فقط أن يرحل أردوغان”.
و قال إكينجي: “أريد أن ينخفض سعر الدولار. أريد أن ينخفض سعر البنزين. أريد أن ينخفض التضخم..أريد أن أعود إلى ما كانت عليه حياتي قبل خمس أو ست سنوات. أريد أن أكون قادراً على الخروج للنزهة، والسفر إلى الخارج”.

رويترز

زر الذهاب إلى الأعلى