النمسا تنقذ القطارات الليلية… الطموح 5 ملايين مسافر بحلول 2020
رغم اعتبارها عادة بالية من جانب البعض، لا تزال قطارات الرحلات الليلية حية في اوروبا… فقد اعلنت الشركة الالمانية لسكك الحديد اخيرا وقف انشطتها في هذا المجال. الا ان منافستها النمسوية ستخلفها في ادارة مجموعة خطوط ليلية تربط المانيا والنمسا وسويسرا.
وقال مدير شركة "او بي بي" النمسوية لسكك الحديد اندرياس ماتا خلال مؤتمر صحافي عقد اخيرا في برلين: "من الواضح ان قطارات الرحلات الليلية تمثل سوقا متخصصا. لكنها تجذب بدرجة كبيرة بعض المجموعات من المسافرين"، بينهم العائلات ومحبي العطلات.
وبهذا الاقتناع، تعتزم شركة "او بي بي" التي حققت 17% من ايراداتها المتأتية من قطاع النقل للرحلات الطويلة، بفضل قطارات الرحلات الليلية، خلافة شركة سكك الحديد الالمانية "دويتشه بان" اعتبارا من 11 كانون الاول، في ادارة 6 خطوط، خصوصا هامبورغ-زيوريخ عبر برلين ودوسلدورف-انسبروك او ميونخ-روما عبر سالزبورغ.
وتضاف هذه الخطوط الى خطين تسيرهما "او بي بي" هما هامبورغ- فيينا ودوسلدورف- فيينا، وسبعة اخرى تربط مدنا مختلفة في النمسا وسويسرا وايطاليا.
ومع هذه القطارات الزرقاء المخططة بالاحمر وتحمل اسم "نايت جت"، تعتزم "او بي بي" جذب 5 ملايين مسافر بحلول 2020. كذلك، تسعى الى زيادة ارباحها التشغيلية في هذا المجال اعتبارا من السنة المقبلة. وتعتزم الشركة استثمار 40 مليون اورو لشراء 42 مقصورة للنوم، و15 عربة للرحلات الليلية من "دويتشه بان" وتحديث اسطولها.
ولاقى هذا الانقاذ الجزئي للقطارات الليلية الالمانية "ترحيبا" من اتحاد المسافرين "برو بان"، وايضا من النائب الالماني عن حزب "الخضر" ماتياس غاستل. وذكر النائب المطالب بدعم قطاع سكك الحديد، نظرا الى مراعاته للبيئة، بأن "او بي بي" تتسلم قسما كاملا من السوق لطالما اعتبرته "دويتشه بانط غير منتج".
لكن مع هذه المبادرة النمسوية، تسجل المانيا انحسارا في اسطولها من قطارات الرحلات الليلية بواقع النصف تقريبا، وسط تراجع بطيء في الاهتمام بهذه القطارات الليلية في مختلف انحاء اوروبا.
وقد يبدو التنقل عبر القطارات خلال الليل والنوم على سرير ضيق على وقع اصوات سكك الحديد والاستيقاظ صباحا في منطقة بعيدة، من العادات البالية حاليا، خصوصا في ظل انتشار شركات الطيران للرحلات المنخفضة التكلفة التي تتيح لزبائنها التنقل في سائر انحاء اوروبا في مقابل مبالغ زهيدة لا تتعدى في احيان كثيرة بضع عشرات من الاورو.
كذلك، يمثل الاستمرار في السفر ببطء مع مستويات تلوث ادنى خيارا آخذا في الصعوبة من الناحية التطبيقية. من هنا، الغيت اربعة خطوط للرحلات الليلية مطلع الشهر الجاري، في وقت يواجه خطان آخران من باريس الى نيس والى إيرون في اسبانيا المصير نفسه سنة 2017، الا في حال تبدلت المعطيات. ولن يتم ابقاء سوى خطين في اتجاه جبال الالب والبيرينيه، بسبب عدم توفر بدائل.
وفي اسبانيا، الغيت كل خطوط النقل عبر القطارات الليلية تقريبا بسبب تدني ارباحها وتراجع اهتمام المسافرين بها، بما يشمل خط مدريد-باريس. أما بريطانيا، فلا تضم الا خطين يربطان لندن بكل من اسكتنلدا وكورنوال.
في المقابل، لا تزال شركة ادارة قطاع سكك الحديد في ايطاليا ("ترينيطاليا") تتيح لمسافريها التنقل عبر قطاراتها الليلية "انترسيتي نوته"، علما انها تسلمت في مطلع ايلول الادارة الكاملة لشركة "تيلو" التي تسير قطارات بين ايطاليا وفرنسا منذ 2011.
وذكر المسؤول عن خطوط الرحلات الطويلة في "دويتشه بان" برتولد هوبر أن شركة سكك الحديد الالمانية "تكبدت خسائر كبيرة للغاية" بسبب رحلات الليل غير المربحة اقتصاديا. وقبل عامين، الغيت القطارات التي تربط باريس ببرلين وهامبورغ وميونيخ، رغم ردود فعل سلبية من المسافرين على هذه الخطوط عبّروا عنها من خلال عرائض.
غير أن الشركة الالمانية تؤكد عدم تخليها عن قطارات الليل، اذ انها ستطور في كانون الاول خدماتها من خلال قطارات مزودة فقط بمقاعد للجلوس. وهدف ذلك يكمن في جذب الاشخاص الراغبين في السفر في مقابل ثمن زهيد، ويميلون عادة الى التنقل عبر الحافلات المخصصة للرحلات الطويلة.