تكنولوجيا

هكذا يتحوّل التهاب الجيوب الأنفية لمرض مزمن

هل تعاني من انسداد الأنف؟ قد يعني ذلك أنّك مصاب بالتهاب الجيوب الأنفية، بحسب ما ذكره الموقع الرسمي للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC).

يحدث هذا الالتهاب عندما تتراكم السوائل في الجيوب المملوءة بالهواء في الوجه (أي الجيوب الأنفية)، ومن ثمّ يسمح تراكم السوائل للجراثيم بالنمو.

وتكون الفيروسات السبب وراء أغلبية التهابات الجيوب الأنفية، ولكن يمكن أن تسبب البكتيريا بعض هذه الحالات أيضاً.

ما هي الجيوب الأنفية؟

الجيوب الأنفية تجاويف صغيرة مملوءة بالهواء داخل عظام الجمجمة على الجبهة والوجنتين، أكبرها تلك الموجودة في الخد، وتتوزع على النحو الآتي: الجيوب الخدية وتقع في عظام الخدين، الجبهية وتقع في الجزء الأسفل الأوسط من الجبهة، والغربالية أو المصفاوية وتقع بين العين والأنف، والوتدية وتقع في العظم خلف الأنف.

ويغطي هذه الجيوب غشاء مخاطي رقيق وردي اللون، وفي الحالة الطبيعية فارغة باستثناء طبقة رقيقة من المخاط، وليست هناك وظيفة قاطعة معروفة للجيوب الأنفية، ولكن يعتقد أنها تساعد على ترطيب الهواء الذي يتنفسه الإنسان، وتعمل كفلتر لتنقية وترطيب وتدفئة الهواء اللازم لعملية التنفس، وكذلك يقال إنها تعمل على تقوية صوت الإنسان.

كيف يحدث التهاب الجيوب الأنفية؟

يحدث التهاب الجيوب الأنفية نتيجة إصابة الغشاء المحيط بها بعدوى بكتيرية، وهذه البكتيريا عادة ليست ضارة عندما تتغلغل في الجيوب الأنفية، ما دامت تنحدر بعد تغلغلها نحو الأنف مجدداً، ولكن إذا كانت ممرات تفريغ الجيوب الأنفية مسدودة فإن البكتيريا تتكاثر مسببة العدوى، وإعادة فتح ممرات التفريغ هو العلاج، ومع وجود انسداد في الأنف لا يستطيع المريض التنفس بشكل طبيعي.

وتصاحب هذا الانسداد زيادة في الإفرازات المخاطية السميكة من الأنف، لونها أصفر، أو أخضر، وتتساقط الإفرازات في الحلق من خلف الأنف، ويشكو المريض من صداع، أو ألم في عظام الوجه، ويكون موضع الألم طبقاً لمكان الالتهاب في الجيب الأنفي، فقد يكون أعلى العين، أو أسفلها، أو في الفك العلوي، أو بين الحاجبين.

وقد يمتد الألم للأذن، أو يكون مصحوباً بانتفاخ، أو تورم حول العين، والخد، وترتفع درجة حرارة المريض مع إصابة جسده بالأعياء، وأيضاً تتأثر حاسة الشم.

سبب التهاب الجيوب الأنفية

السبب الرئيسي في التهاب الجيوب الأنفية الإصابة بالبرد والإنفلونزا، فهناك أكثر من 200 نوع مختلف من الفيروسات يمكن أن تسببه نزلات البرد، ولكن الفيروس الأنفي السبب الأكثر شيوعاً في التهاب الجيوب الأنفية، وعدم تناول العلاج المناسب مع دخول فيروسات مسببة لالتهاب الجهاز التنفسي، أو دخول بكتيريا تسبب حدوث التهاب في الجدار المبطن للجيوب الأنفية، وكذلك حدوث التهاب الجيوب الأنفية.

أسباب إضافية

يؤدي تسوس الأسنان لالتهاب الجيب الأنفي القريب منها، ومن دواعي الإصابة بالمرض الخلل في مجرى التنفس، أو انحراف، أو اعوجاج الحاجز الأنفي نتيجة عدم انتظام مجرى الهواء، وفي كل الأحوال إذا شعر المريض بأعراض شديدة مشابهة لأعراض الإنفلونزا والبرد، ولا يتحسن رغم تعاطيه الدواء المعتاد، ويصاحب مرضه ارتفاع في درجة الحرارة، وصداع شديد، وازدواجية في الرؤية وحدوث التهابات متكررة، يجب أن يبادر بشرب السوائل الدافئة، لأنها تعمل على ترطيب الجيوب الأنفية.

إضافة لوضع كمادات دافئة على مناطق الجيوب الأنفية، واستنشاق بخار الماء الساخن لترطيب التجاويف الأنفية، وتخفيف الألم، وتسهيل خروج المخاط، كما يجب أن يركن المريض إلى الراحة التامة، وفي حالة عدم حدوث تحسن عليه باستشارة الطبيب الذي يمكن أن يعالجه بالمضادات الحيوية ومضادات الحساسية، وبخاخات الأنف، والمحلول الملحي المناسب لتنظيف الأنف من الإفرازات السميكة.

وفي حالة عدم نجاح العلاج الدوائي، يطلب الطبيب أشعة مقطعية لرصد حالة الجيوب الأنفية، وعلى نتيجتها يمكنه إجراء عملية جراحية باستخدام المناظير الأنفية لتوسيع فتحات الجيوب الأنفية حتى تتم تهوية الجيوب الملتهبة، وضمان وصول العلاج لها لتجنب المضاعفات.

مضاعفات حتمية

بصفة عامة، في حالة التأخر في علاج التهاب الجيوب الأنفية تتفاقم الأعراض، وقد تظهر أمراض مصاحبة لحالة المريض، حيث قد تتسع العدوى وتمتد إلى العظام، وتسبب التهاب العظم، وقد تنقل عدوى جلدية خطرة وهي التهاب النسيج الخلوي الذي يصيب الطبقات الأعمق في الجلد، كما يسبب انسداد الأنف والتهاب العصب الشمي فقداناً مؤقتاً، أو دائماً لحاسة الشم، وقد تحدث مشاكل في الإبصار بسبب تسرب العدوى إلى مقلة العين.

وتصل المضاعفات إلى انخفاض الرؤية، أو العمى، وقد تتطور الحالة بالتهاب الأغشية والسائل المحيطين بالمخ، والحبل النخاعي، ما يسبب مرض التهاب السحايا، كما أن إهمال العلاج يحوّل الحالة من حادة إلى مزمنة.

صداع في الدماغ

التعب والإجهاد الشديد يتسببان بالشعور بالصداع، إلا أنه في أغلب الحالات يكون مصاحباً لمشاكل صحية أخرى، من بينها التهاب الجيوب الأنفية، وانسداد الأنف، أو انسداد فتحات الجيوب الأنفية، هو السبب الرئيسي للشعور بالصداع، ونتيجة لامتلاء الجيوب الأنفية بـ«الصديد» يشعر المريض بالصداع وثقل في الدماغ، خاصة الذين يشكون ورماً داخل الجيوب، أو انحراف الحاجز الأنفي الذي يؤدي لانسداد فتحة الجيوب، وبالتالي يتسبب بالتهابها وتكوين الصديد، ليكون المريض عرضة للصداع القاسي، وثقل في الدماغ، ودوخة وعدم تركيز، وصداع الجيوب الأنفية يكون مكانه أسفل الحاجب، وحول العينين من ناحية الأنف.

والمسكنات تفيد في تحسين الصداع، لكن لفترة قصيرة، ثم يعاود المريض الشعور به مرة أخرى، ولهذا من الضروري علاج السبب أولاً، حتى يتم التحسن، أي يتم علاج التهاب الجيوب الأنفية، ولتجنب هذا الصداع الناتج عن التهاب ينصح بضرورة بدء العلاج بمجرد ملاحظة الأعراض الأولية كالرشح المستمر، أو البلغم، وقبل حدوث انسداد الأنف.

المزمن والحاد

تتشابه أعراض التهاب الجيوب الأنفية المزمن، والحاد، غير أن عدوى التهاب الجيوب الأنفية الحاد يستمر فترة مؤقتة، وغالباً يكون مصحوباً ببرد، بينما الالتهاب المزمن يستمر لمدة أطول، ويحدث تعباً أكبر، ويحدث الالتهاب المزمن عندما تتورم الفراغات الموجودة داخل الرأس والأنف لمدة طويلة، ويصبح التنفس صعباً عن طريق الأنف بسبب انسداده بالمخاط، ويصاحب ذلك ألم أو تورم في منطقة العينين، وقد تتسبب العدوى بهذا الالتهاب المزمن، أو تكون بسبب الزوائد اللحمية الأنفية، أو بسبب تورم بطانة الجيوب الأنفية، وتتشابه أعراض كل من الالتهابين، المزمن والحاد.

وتكون عدوى التهاب الجيوب الأنفية الحاد مصحوبة ببرد، وتستمر فترة مؤقتة، ولتشخيص المرض على أنه التهاب جيوب مزمن يظهر عرضان مهمان، أولهما تصريف سائل سميك، أو أصفر، أو مائل إلى الخضرة من الأنف، أو من أسفل الجزء الخلفي من الحلق، والثاني صعوبة التنفس من الأنف بسبب انسداد أو احتقان الأنف، إلى جانب وجود ألم وتورم حول العينين، أو الخدين، أو الأنف، أو الجبهة، وضعف حاسّتي الشم والتذوق، وظهور أعراض أخرى متنوعة، مثل ألم في الفك العلوي، والأسنان، والتهاب في الحلق، وسعال، ورائحة نفس كريهة، مع الغثيان والأعياء.

واستراتيجية الأطباء في علاج التهاب الجيوب الأنفية المزمن، تهدف إلى تقليل الالتهاب، وحماية مجرى الممرات الأنفية من الانسداد، ومنع تضخم الجيوب الأنفية، إلى جانب القضاء على السبب الكامن وراء الالتهاب، ومنع انفجار، أو تضخم الجيوب الأنفية، وتبدأ الاستراتيجية للتخفيف من الأعراض، باستخدام بخاخات الأنف، والمحاليل الأخرى لتقليل جفاف الممرات الأنفية، وللقضاء على المثيرات الأنفية والحساسية، وتساعد هذه البخاخات التي يصفها الطبيب بما يناسب حالة المريض على منع، وعلاج الالتهابات، وتستخدم هذه الأدوية لتخفيف الالتهاب الشديد للجيوب الأنفية.

ويحذر من وصف الكورتيزون- في الحالات القصوى فقط- الذي يتم تناوله عن طريق الفم، لأن له آثاراً جانبية خطرة، على المدى الطويل، فقد يسبب الكورتيزون الذي يتم تناوله عن طريق الفم آثاراً جانبية خطرة عند استخدامه على المدى الطويل، ووصف المضادات الحيوية ضروري في حالة الإصابة بعدوى بكتيرية، وفي حال لم تجدِ العقاقير يلجأ الطبيب إلى جراحة الجيوب الأنفية بالمنظار، من خلال إدخال أنبوب رفيع ومرن، ومتصل به ضوء لاستكشاف الممرات الأنفية.

وبمعرفة مصدر الانسداد، يقوم الطبيب بإزالة النسيج، أو أي ورم موجود يمكن أن يكون سبب الانسداد، ويتم توسيع فتحة جيب ضيقة يمكن أن تنجح في تعزيز مجرى الممرات الأنفية.

حالات الأطفال

التهاب الجيوب الأنفية لدى الأطفال يحدث نتيجة وجود عائق يحبس السائل المخاطي داخلها، وأسبابه عدة، منها تعرض الصغير لنزلة برد، أو دخول الماء إلى الجيوب الأنفية، أو استنشاق هواء بارد، أو استنشاق دخان السجائر، ويمكن أن يكون بسبب دخول جسم غريب في أنف الطفل، أو حدوث تضخم في اللحمية، أوالتهاب في الأنف، أو اللوزتين، وكذلك يحدث الالتهاب لوجود انحرافات شديدة في الحجاب الأنفي، أو ارتجاع السائل الحمضي المعدي للأنف والمريء، أو لوجود تشوه في حركة الأهداب.

ويجب على الوالدين أن يراقبا الأبناء الصغار جيداً، لملاحظة أي أعراض تظهر عليهم ليتم اكتشاف المرض مبكراً، وبالتالي يسهل تشخيصه، وعلاجه، ومن الأعراض التي تظهر بسبب التهاب الجيوب الأنفية رائحة فم الطفل الكريهة، وشكواه من الآلام في الوجه، وفقدانه حاسة الشم، وارتفاع في درجة الحرارة، وإلى جانب هذه الأعراض يمكن ملاحظة سعال الأطفال الأصغر سناً الذي لا ينقطع عنهم ليلاً، أو نهاراً، وأثناء النوم، فهذا السعال قد يشير إلى الإصابة بالتهاب الجيوب الأنفية، خاصة عندما يكون مصحوباً بالعطس المستمر، وصعوبة التنفس مع الشخير، وظهور الأعراض الواضحة من انسداد الأنف، أو سيلانه مع كثرة نزول الدموع من العين.

ويحدد الطبيب العلاج المناسب للطفل حسب حالته، من خلال عقاقير لتخفيف الألم والالتهاب، ومزيلات للمخاط والاحتقان، وكذلك يحدد بخاخة الأنف المناسبة للصغير للحد من الالتهابات، وقطرات الأنف المالحة، إلى جانب أدوية علاج الارتجاع المريئي الذي قد يحدث للصغير.

وتعتبر المضادات الحيوية ضرورة للصغير في حالات التهاب الجيوب الأنفية الحاد، أو المزمن، مع ضرورة استكمال «كورس» المضاد الحيوي حتى نهايته، بالرغم من تقدم حالة الطفل في العلاج، وفي حالة عدم تقدم صحة الطفل مع العقاقير والبخاخة، يلجأ الطبيب إلى الجراحة لإزالة الزوائد الأنفية، وكذلك الاستعانة بالمنظار لعلاج الجيوب الأنفية.

أعراض مشابهة لحالة مختلفة

تظهر حساسية الجيوب الأنفية في صورة نوبات عطس، عنيفة ومتكررة، وإفرازات أنفية كالسيول لا تتوقف، وانسداد قوي في الأنف، والفتحتين، وتتشابه مع حالة الالتهاب في الأعراض، لكن تختلف في طرق العلاج، وترتبط هذه الحالة بحكة في الأنف والتهاب الملتحمة، مع حكة في العين، ودموع واضطراب الجفون، وصداع وتوتر، ويتوقف نجاح العلاج على المعرفة الدقيقة لسبب هذه الحساسية، فإذا كانت بسبب البيئة التي حول المريض من أوراق الشجر، والزهور، أو من الحشرات الدقيقة الموجودة في الغبار والأتربة، فالحل يسهل بضرورة تهوية الأماكن، واستنشاق المريض الهواء النقي، وتهوية الفراش، واستخدام الأغطية والملاءات النظيفة بانتظام، حتى لا تتراكم عليها الأسباب البيئية.

ويوصي الطبيب باستخدام مضادات التحسس المناسبة لعلاج العطس، والحكة، وسيلان الأنف، وعلاج مجرى الأنف، وانسداده، وكذلك يوصي بقطرات لتقليل السيلان والدموع ووقفهما، ولا ينصح باستخدام مضيقات الأوعية الدموية، لأنها يمكن أن تؤدي إلى مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية، وهناك بعض العلاجات المائية الحرارية التي لها تأثير مفيد في حساسية الجيوب الأنفية، ورغم كل هذه الجهود العلاجية قد يستغرق التخلص من الحساسية فترة طويلة.

زر الذهاب إلى الأعلى