اسرار خطيرة

«الوجه الحجري» تكشف مذبحة فرنسية ضد جزائريين

أصدر مركز المحروسة للنشر والمعلومات رواية «الوجه الحجري» للكاتب الأمريكي وليم جاردنر سميث، ترجمة وائل عشري، وتتناول الرواية حكاية سميان براون وهو صحفي أمريكي شاب، من أصول إفريقية، فقد إحدى عينيه، في حادث عنصري، أثناء فترة المراهقة.

يذهب سميان إلى باريس، وينضم إلى جيل ضائع من الأمريكيين السود، الذين غادروا الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب نظام الفصل العنصري، واستقروا في باريس، وغيرها من مدن أوروبا.

وعلى خلفية حرب الاستقلال في الجزائر، تقدم الرواية رحلة سميان من براءة اللقاء الأول مع مدينة، لا يتعرض فيها للتمييز، بسبب لون بشرته، إلى إدراك أن العنصرية تتخذ هيئة مختلفة في باريس.

على مدى ثلاثة عقود، وفي ظل تعتيم رسمي، كانت الرواية هي الشهادة المنشورة الوحيدة، على مذبحة باريس، التي ارتكبتها الشرطة الفرنسية ضد متظاهرين جزائريين في 17 أكتوبر 1961 وإن كان الكاتب في الفصل الأخير من الرواية، قد ذكر أن هذه المذبحة، جرت وقائعها في الأول من أكتوبر.

يشير المترجم في أحد هوامشه إلى أن الألفاظ المقبولة للإشارة إلى الجماعات العرقية في الولايات المتحدة متغيرة، وكلمة زنجي/ زنجية/ زنوج المستخدمة في الرواية، والتي كانت مفردات شائعة للإشارة إلى الأمريكيين من أصل إفريقي، لم تعد مقبولة الآن في المجتمع الأمريكي الأسود، وتعتبر مسيئة.

من أجواء الرواية يقول سميث: «كلما ابتعد الباص زادت رتابة المباني والشوارع والناس، متاجر رخيصة تبيع الملابس والأثاث وأدوات المطبخ، شروط ميسرة، الدفع على عشرة شهور، تزداد عتمة المقاهي، تصير الشوارع أضيق وأكثر صخباً، ويشغل الأرصفة المزيد والمزيد من الأطفال. وقف رجال عاطلون عن العمل بلا شيء يفعلونه، ولا مكان يذهبون إليه، في مجموعات متجهمة، لا جدوى منها، على نواصي الشوارع، دوت الموسيقى العربية من المقاهي المظلمة أو من النوافذ المفتوحة لفنادق كئيبة، ثم فجأة صارت الشرطة في كل مكان، تراقب الشوارع، العيون تتنقل بوقاحة من وجه إلى وجه، الرشاشات تتدلى من أكتافهم وأحذية ضيقة مدببة».

نشأ سميث (1927 – 1974) في ساوث فيلادلفيا وهو أحد الأحياء العمالية السوداء، وتخللت شبابه المبكر حوادث عنف عرقي، ففي الرابعة عشرة تعرض للضرب على أيدي رجال الشرطة، وفي التاسعة عشرة تعرض لاعتداء من قبل مجموعة من البحارة البيض.

بدأ سميث الذي كان طالباً بارزاً وقارئاً شغوفاً في كتابة موضوعات صحفية لجريدة «بتسبرج كوريير» المملوكة لسود، حين كان طالباً في المرحلة الثانوية، ثم شغل وظيفة في الجريدة بعد تخرجه في السادسة عشرة.

جند عام 1946 وأرسل إلى ألمانيا، حيث أنهى روايته الأولى، التي تناول فيها علاقة غرامية بين امرأة ألمانية وجندي أمريكي أسود، ستنشر الرواية وعنوانها «آخر الغزاة» بعد ذلك بعامين، وفي أعقاب عودته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، واصل سميث الإسهام في تحرير صحيفة «كوريير» ودرس في جامعة تمبل، وقاد المظاهرات ضد عنف الشرطة، وأبدى اهتماماً بالماركسية، سرعان ما جذب انتباه مكتب التحقيقات الفيدرالي.

في عام 1949 تزوج من ماري سيويل وفي العام التالي نشر روايته الثانية «غضب من البراءة» وبسبب شعوره بوطأة العنصرية والمكارثية، رحل إلى باريس، حيث عمل في وكالة الأنباء الفرنسية، وتعرف إلى الكاتبين الإفريقيين الأمريكيين البارزين؛ ريتشارد رايت، وتشستر هايمز اللذين عاشا في المنفى الباريسي منذ عام 1946 وبدايات الخمسينات.

نشر سميث روايته الثالثة «شارع ساوث» عام 1954 وموضوعها عودة راديكالي أسود من منفاه في إفريقيا إلى مسقط رأسه في فيلادلفيا، وفي عام 1956 رفضت حكومة الولايات المتحدة تجديد جواز سفره، وانفصل عن زوجته وواصل الإقامة والعمل في باريس، وتعرف إلى زوجته الثانية، وفي عام 1963 أصدر روايته «الوجه الحجري».

بعد دعوته إلى المشاركة في إطلاق أولى محطات التليفزيون في غانا، انتقل للإقامة في العاصمة أكرا مع زوجته وطفليه، وعقب انقلاب عسكري أسقط حكومة نكروما، اضطرت الأسرة للعودة إلى باريس، وفي عام 1967 زار سميث الولايات المتحدة كي يكتب كتابه الأخير «عودة إلى أمريكا السوداء» الذي نشر عام 1970، ثم توفي بمرض السرطان عام 1974 في إحدى ضواحي باريس.

الخليج

زر الذهاب إلى الأعلى