آراء

د. علي الجابري : الإرهاب النائم في السويد

ليس بالامر الهين ان يكون هناك (430) شخصا يعيشون في بلد أوروبي مثل السويد ، ويعتنقون  أفكار التنظيمات الارهابية المتشددة ، وأبرزها "داعش" و "تنظيم القاعدة" ، إن لم يكونوا جزءا من خلاياهما النائمة في بلدان الشمال الاوروبي.

وربما يكون هذا الرقم أقل بكثير من الحقيقة التي بدأت تتكشف يوما بعد يوم منذ أن أطلقت يد تلك التنظيمات الارهابية لتعيث فسادا في بعض الدول العربية تحت غطاء تغيير الانظمة الديكتاتورية الفاسدة وإحلال الديمقراطية والحرية بدلا عنها.

منذ ذلك الوقت وحتى الامس حيث شهدت باريس إعتداءا إرهابيا طال واحدة من المؤسسات الصحفية المثيرة للجدل ، تحت غطاء الانتصار للاسلام وللنبي بقتل (12) شخصا وجرح آخرين . كان صوت التطرف يعلو ولا يعلى عليه .. حتى وصل صداه الى السويد .. البلد الغافي على بساط الثلج في الشمال الاوروبي ، والذي عانى مؤخرا من سلسلة إعتداءات طالت المساجد الاسلامية بشكل يثير الريبة ..

صدى الارهاب هذا كشف لنا بالامس مجموعة  أرهابية "نائمة" في السويد ، قد لا تكون الوحيدة ، سواء في فضاء العالم الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي أو في أرض الواقع الذي يزداد بشاعة كل يوم.. 

هذه المجموعة الارهابية السرية المناصرة لتنظيمي داعش والقاعدة في السويد يبلغ تعداد اعضائها (430) شخصا يعيشون في السويد ، كما ذكر تقرير للتلفزيون السويدي يوم أمس، والذي تمكن من إختراق هذه المجموعة ، والاطلاع على منشورات اعضائها التي تمجد داعش والقاعدة ، وكانت تحتفل وتتغنى ( بالنصر المؤزر ) الذي تحقق في ( غزوة باريس ) ؟! وأعتبروا أن هذا العمل الاجرامي إنتقام للاسلام وللنبي محمد، ردا على الرسوم المسيئة  للرسول والتي نشرتها الصحفية سابقا !!

وبحسب المعلومات التي وردت في كتابات أعضاء هذه المجموعة ، فإن عددا من أعضائها سبق أن شاركوا في القتال الى جانب "داعش" و "القاعدة" في العراق وسوريا .. وعدد أعضاء هذه المجموعة يدلل على أن الارقام الرسمية السويدية التي قدرت أعداد السويديين المشاركين في القتال الى جانب التنظيمات الارهابية ، وابرزها " داعش " يبلغ مئة شخص فقط ، وفي تقديرات أخرى لن يتجاوز الرقم المئتين ؟! يجعل تلك الارقام غير دقيقة بالمرة.

هذه المجموعة ، رغم أنها تستخدم اللغة السويدية في كتابة منشوراتها في الفيس بوك الا أنها تستخدم ذات العبارات التي يستخدمها أعضاء تنظيم "داعش" او "النصرة" او "القاعدة" .. حيث كتب أحدهم تعليقا على قتل الصحفيين في صحيفة شارلي إيبدو : " تم إرسال هؤلاء الخنازير الى جهنم " ؟!

إن هذه الحادثة كشفت إن النار التي تحت الرماد أكبر مما يتوقع الكثير ، وإن هذا الفكر الارهابي المتنامي في دول اوروبا إنما يحتاج لوقفة جادة وحقيقة لوقف النزيف الذي يسعى الى القضاء على صورة الاسلام الحقيقي قبل ان يقضي على اعداء الاسلام كما يتوهم كل من يغرر بهم للالتحاق بهذه التنظيمات التي لا تعرف شيئا عن الاسلام الا إسمه ؟!

وهذه الحادثة تكشف إن عدد أنصار التنظيمات الارهابية اكبر بكثير من أن نستهين به، ونقف مكتوفي الايدي امام استفحالهم في المجتمع السويدي، الذي يجاهد من أجل محاربة دعاة العنصرية والتطرف، سواء كانوا من اليمين المتطرف الرافض للمهاجرين والمسلمين أو من غلاة الاسلام المتشدد ؟! 

علينا أن ننتبه للارهاب النائم في السويد قبل أن يستيقظ .. وعلى المؤسسات الاسلامية في السويد أن تأخذ دورها الحقيقي في الحفاظ على صورة الاسلام من هؤلاء المتطرفين الذين ينطلقون من تلك المساجد بطريقة أو بأخرى ؟! 

فليس من واجب المؤسسات الاسلامية في السويد أن تقف على التل وتتباكى على مصائب المسلمين لتحقيق مآرب شخصية ضيقة، وتستثمر مآسيهم كما حدث في حوادث إحراق المساجد قبل ايام ؟!

علينا كمجتمع أن نوقف الفتنة  والتحريض والكراهية وأن ننتصر للاديان والشرائع والقوانين بالحب والعلم والبناء، لان نار الارهاب لن تستثن احدا ، و "من يزرع الشوك لا يحصد به عنبا" ؟! وللحدث صلة .

 

Dr_aljabiri2@yahoo.com

* رئيس إتحاد الصحفيين العرب في السويد

 

وكالة الصحافة الاوروبية بالعربية 

زر الذهاب إلى الأعلى