آراء

د. علي الجابري : حرام على اللاجئين .. حلال على العنصريين

عندما قُتِلَ المعلم السويدي – العراقي "لافين إسكندر" على يد عنصري سويدي يكره الاجانب وقرر ان يصفي حساباته معهم "بالسيف" في مدرسة ترولهاتن، تعاطف معه كثير من السويديين والاجانب المقيمين في هذا البلد، لكن عرب السويد ومعهم الاغلبية من السويديين الذين غرست فيهم قيم السلام ومحبة الاخر منذ الصغر، لم يستثمروا هذا الحادث، للوقوف بوجه دعاة العنصرية الجدد في السويد او اوروبا (النازيون الجدد) وغيرهم من انصار الحركة الاكثر تطرفاً "بيغيدا"، التي صعدت أسهمها مع ازدياد تدفق اللاجئين الى اوروبا، بعد ان كان اغلب الاوروبيين يعتبرون ان مجرد التفكير بالالتحاق بهذه المنظمة مخالفاً للاخلاقيات والقيم الانسانية التي قامت عليها بلدان اوروبا.

أما بعد ان قام نفر ضال ملئ بالعقد النفسية والتخلف بالتحرش بسيدات المانيا خلال احتفالات رأس السنة الجديدة، قامت الدنيا ولم تقعد على رؤوس العرب والمسلمين واللاجئين ؟! حتى رأس عمتنا "ميركل" لم يسلم من هذا الهجوم بإعتبارها السبب في فتح اوروبا ابوابها امام اللاجئين !!

أما الطامة الكبرى فهي تكمن فينا نحن عرب اوروبا ، الذين لا نصدق ان نجد فرصة لجلد انفسنا بسياط لا ترحم، ونهاجم مئات الالاف من الهاربين من الموت والباحثين عن حياة آمنة لهم ولاطفالهم بسبب اشخاص لا تكاد اعدادهم تذكر امام عدد المجرمين والسراق والمتحرشين الذين يملأون بلدان اوروبا .. وتناسينا ان القانون لا يعاقب الا الجاني او المجرم او السارق، ولا ينظر الى خلفيته الدينية والعرقية .. فكل انسان يتحمل وزر اعماله ولا علاقة للاخرين بما ارتكبه من جرائم.

مصيبتنا اننا كنا (ملكيون اكثر من الملك) و (اوروبيون اكثر من الاوروبي نفسه) ، وتخلينا عن مئات الالاف من المضطهدين والمظلومين الذين هربوا من الموت والديكتاتورية والعنصرية ، وواجهناهم بعنصرية، في احلك الظروف التي تواجههم ، وكأننا نريد ان نحملهم جميعا وزر ما قام به بعض منهم ؟!

ولان الكثير من عرب اوروبا يستمتعون بجلد الذات ومحاولة النآي بالنفس عن الاخطاء والجرائم التي يرتكبها بعض طالبي اللجوء ، إرتفعت اصوات العنصريين في اوروبا، وتدفقت سمومهم لتملأ وسائل التواصل الاجتماعي دون حسيب او رقيب ، ولانهم لم يجدوا قوة تواجههم بإخطائهم وجرائمهم ، وزاد هذا التمادي حتى تحول الى اعتداءات حقيقية على اللاجئين والمهاجرين بالسلاح الابيض او بالحرق وغيرها ، والقادم أسوأ ؟!

والمشكلة اننا لا نجيد ابراز هذه العنصرية البغضية ونقف بوجهها اعلاميا واجتماعيا ، بل نبررها في كثير من الاحيان بإنها نتيجة حتمية ورد فعل لما قام به بعض اللاجئين ؟

علينا ان نعي جيدا ان النار التي بدأت تظهر من تحت الرماد تستهدف جميع الاجانب وأولهم العرب والمسلمين ، لان هذه المنظمات العنصرية لم تظهر بعد موجة اللجوء الاخيرة ، انما علا شأنها بسببها فحسب ؟! 

الحل ان نكون مع المجتمع السويدي او الاوروبي المحب للاخر ، المجتمع الذي يحمل قيم السلام والمحبة وتجريم كراهية الاخر .. هذا المجتمع ممثل بإحزاب ومنظمات وجمعيات تناضل من اجل المحرومين والمظلومين وتدافع عنهم .. 

علينا ان ندعم هؤلاء من اجل مستقبل ابنائنا الذين أصبحوا جزءا لا يمكن فصله عن المجتمع الاوروبي لكي لا نتركهم فريسة سهلة بيد الحركات العنصرية في اوروبا ، او ربما بيد (العنصريين العرب) في اوروبا ، وهم أشد ضرراً وفتكاً !!

 

 

 

 

* رئيس إتحاد الصحفيين العرب في السويد ورئيس التحرير المسؤول في وكالة الصحافة الاوروبية بالعربية

لمراسلة الكاتب : dr.ali@europressarabia.com

  

 

زر الذهاب إلى الأعلى