سوريون يتجاوزون عقبة اللغة ويتفوقون بجامعات بلدان اللجوء
يورو برس عربية / متابعة
كتابة / نور ملاح :
أبو الخير طالب في العشرين من عمره من مدينة حلب السورية، أجبرته ظروف الحرب الدائرة في سوريا منذ أربع سنوات على اللجوء مع أفراد عائلته إلى تركيا، صادف الوقت الذي غادر فيه مدينته الأم حلب نقطة مفصلية في حياته، حيث جاءت مغادرته بعد حصوله على شهادة الثانوية (البكالوريا)، التي حصل فيها على معدل ممتاز (229 من 240).
لم تحل ظروف اللجوء بعد الحرب بين أبو الخير، كما اختار أن يسمي نفسه، وبين اندماجه في مجتمعه الجديد، بل وتفوقه فيه، حتى استطاع بعد فترة قصيرة أن يحصل المركز الأول في كليته وأن يحصل على منحة للدراسة مجانا في الجامعة للمرة الثانية.
بدأ أبو الخير حياته في تركيا بتعلم اللغة التركية خلال فترة قياسية، حيث استطاع الحصول على عمل في الأشهر الأولى من إقامته في تركيا، وخلال ساعات العمل الطويلة، التي صادفت وقتها العطلة الصيفية، استطاع صقل مهارته باللغة التركية، وكسب ثقة الأتراك الذين تعامل معهم، كما استطاع تقديم المساعدة للسوريين الذين لا يجيدون التركية.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يعمل بها أبو الخير أثناء عطلة المدراس الصيفية، فقد حرص والده منذ بدايات حياته على تدريبه على العمل والحياة العملية في مجالات عديدة أثناء عطلة المدارس، وهذا ما نما فيه وتحمل المسؤولية وتقدير قيمة العمل، فقد حرص والداه على تعليمه الإتقان في كل شيء، كما يقول أبو الخير لـ"عربي21"، مشيرا إلى أنه حائز على بطولة حلب المركز الأول في رياضة الكاراتيه لوزن 65 في العام 2011.
يواصل أبو الخير حديثه لـ"عربي21" بالقول: "هاجس الإتقان والإحسان في ما أمارسه دفعني للعمل على كسر حاجز اللغة التركية، فحصلت على شهادة "التومر" من أول سنة، وهي شهادة خاصة باللغة التركية تؤهل حاملها لدخول الجامعات التركية، بعد ذلك بدأت بمراسلة الجامعات التركية المتعددة من أجل الحصول على منح أو قبول جامعي فيها".
ويضيف: "كانت الكلية التي أرغب بالالتحاق بها هي كلية الطب البشري، وبعد طول انتظار حصلت على منحة للقبول في كلية الهندسة المدنية في جامعة كرككالي التابعة لأنقرة.
ويقول: "كان الانفصال عن أسرتي المقيمة في مدينة غازي عنتاب التركية، أمرا صعبا في البداية، ولكنني في كرككالي وجدت حوالي ستين طالبا سوريا تمكنوا من الحصول على منح فيها أيضا".
وتغطي المنح تكاليف الدراسة والسكن ومصروف الجيب، حتى أن هناك عددا من الطلاب والطالبات السوريين القادمين من المخيمات قد تزوجوا إبان التحاقهم بالجامعة، حتى لا تبقى الشابة أو الشاب وحيدا في الغربة، "وأغلب الطلاب السوريين لهذا العام قد تحصلوا على قبول في كليات الطب البشري والهندسات، ولكنهم ما زالوا في مرحلة تعلم اللغة التركية (التومر)، أما أنا فقد تجاوزت مرحلة اللغة في عام الانتظار، وتمكنت من البداية مباشرة في السنة الأولى في كلية الهندسة المدنية"، حسب قوله.
ويشير أبو الخير إلى السنة الأولى "اختتمت برسالة وصلتني من عميد كلية الهندسة المدنية، عبّر لي فيها عن شكره على الجهد الذي بذلته، وبلغني فيها بحصولي على المرتبة الأولى في عامي الأول بنسبة (3,61) من 4، وبحصولي على منحة لإتمام الدراسة مجانا في الكلية، للمرة الثانية، حيث أنني في البداية قد تم قبولي ابتداء بمنحة دراسية".
يختم الشاب أبو الخير حديثه لـ"عربي21" بالقول: "طموحي أن أكمل الدراسات العليا، وأعمل في المجال الأكاديمي، وأنقل الخبرات والتجارب التي اكتسبتها لوطني الأم سوريا، فمن الجميل أن يجمع المهندس بين بناء الإنسان وبناء الحجر، فتنشأ بذلك منظمة متكاملة الأطراف، فالهدف الرئيسي أن نبني الإنسان قبل بناء الحجر"، على حد وصفه.
وكانت الصحافة الفرنسية قد احتفت مؤخرا بالطالب السوري في فرنسا هيثم الأسود، الذي نالت أسرته حق اللجوء في فرنسا قبل ثلاثة اعوام فقط.
هيثم الأسود دخل كلية هندسة العلوم، متفوقا مع عدد محدود من الطلاب على أكثر من 680 ألف طالب في فرنسا، رغم اختلاف الثقافة واللغة، وحقق نتائج مبهرة في المواد العلمية ومادة الفلسفة، أهلته لدخول مجال البحث العلمي من أوسع أبوابه في زمن قياسي.
أما في ألمانيا، فقد أحرزت الطالبة السورية نور ياسين قصاب على علامة كاملة في امتحانات الثانوية العامة في ألمانيا (الابيتور)، وتمكنت من إحراز معدل 100 في المئة، في بلدة شفيدت بولاية براندنبورغ.
حالها كحال هيثم وأبو الخير، فقد وصلت نور إلى ألمانيا قبل ثلاثة أعوام، ولم تكن تتحدث كلمة واحدة من اللغة الألمانية، ولكنها أتقنتها بعد عام واحد.
وكانت الطالبة نور قد شاركت إلى جانب تفوقها الدراسي، في الأولمبياد الخاصة بالرياضيات والكيمياء في المانيا، كما ساعدت اللاجئين السوريين في تعلم لغة البلد والقيام بمهام الترجمة لدى الدوائر الرسمية.
المصدر : عربي 21
وكالة الصحافة الاوروبية بالعربية