أخبار

تجميد الاستثمارات الخليجية في لندن قبل استفتاء البقاء في الاتحاد الأوروبي

يُعد المستثمرون الخليجيون من أكبر مشتري العقارات البريطانية، لكن مصادر من رجال القانون والاستثمار تقول إنهم يحجمون عن الصفقات الجديدة خوفاً من انهيار أسعار العقارات إذا انسحبت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
 

وكان المستثمرون السياديون ومستثمرو القطاع الخاص، من قطر والسعودية والكويت والإمارات، يشترون الأصول البريطانية في السنوات العشر الأخيرة، واقتنصوا عقارات بمليارات الدولارات، مُعظمها في لندن.

معول الخروج
وقال محامٍ في لندن يعمل مع بعض أضخم الصناديق الخليجية "تخشى صناديق الثروة السيادية، أن يضرب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بمعوله في السوق العقارية بلندن".

وقال "سيتدهور الوضع أكثر إذا كان التصويت بالانسحاب".

وحسب شركة السمسرة العقارية نايت فرانك تراجعت قيمة العقارات السكنية بالمناطق الراقية التي يفضلها المستثمرون الخليجيون، مثل تشيلسي، وساوث كنسنغتون، ونايتسبريدج، بين 3.5 و7.5 % على أساس سنوي في مايو(أيار).

وللشركات العائلية الخليجية، ومستثمرو القطاع الخاص من المنطقة نشاط كثيف في عقارات لندن.

وقال مدير المشاريع العقارية العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في تشسترتونز، أميت سيث، إن المستثمرين من الإمارات شاركوا بأكثر من 20% من صفقات شراء العقارات لتأجيرها في بريطانيا في 2015.

تردد
وقال سيث المقيم في دبي، مشيراً إلى مستثمري القطاع الخاص الخليجيين في العقارات السكنية:"يبدو واضحاً حالياً أن الناس أكثر تردداً، فيما يتعلق بالاستثمار، بسبب الاستفتاء على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي". 

وقال إن المستثمرين مازالوا يبحثون الفرص ويناقشونها مع شركته، لكنهم لا يبرمون صفقات.

وكان محافظ بنك انجلترا المركزي مارك كارني قال في أبريل(نيسان) إنه في ظلّ ضبابية الأثر الدقيق على الاستثمارات الخليجية فإن التدفقات الإجمالية لرؤوس الأموال الأجنبية على العقارات التجارية في بريطانيا، توقفت في الأشهر الثلاثة الأولى من 2016. وفي الأسبوع الماضي أظهرت الإحصاءات تراجع استثمارات الشركات في أوائل 2016.

وقالت المصادر إن لدى المستثمرين الخليجيين قلق أوسع نطاقاً فيما يتعلق باستثماراتهم في قطاعات أخرى، والطريقة التي قد يؤثر بها التصويت المحتمل على مغادرة الاتحاد الأوروبي في استفتاء 23 يونيو(حزيران) على الاقتصاد.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته يو غوف لصالح صحيفة تايمز تساوي كتلتي مؤيدي "البقاء" و"المغادرة" يوم الأربعاء.

قلق خليجي
وقال مسؤول حكومي خليجي كبير، إنه لا يوجد ما ينبئ بأن مستثمري الأجل الطويل الخليجيين سيتخارجون بأعداد غفيرة من الأصول إذا صوت البريطانيون لصالح الخروج، لكن الكثيرين يساورهم القلق من أثره على المحافظ والتداعيات الاقتصادية عموماً.

وقال المسؤول نفسه:"بالطبع نحن قلقون بشأن ما سيحدث إذا قرّر البريطانيون ترك الاتحاد الأوروبي. نتوقع أثراً سلبياً على استثماراتنا في المملكة المتحدة لأن أسعار البيع ستنخفض، ولأن بنوك انجلترا ستواجه بعض المصاعب" .

وقال المسؤول بوزارة الخارجية البريطانية توبياس إلوود، تعليقاً على مخاوف المستثمرين الخليجيين إن استفتاء الاتحاد الأوروبي حدث كبير جرت مناقشته في إطار مشاورات ثنائية منتظمة تغطي شتى المجالات.

لكنه أضاف قائلاً يوم 21 مايو(أيار) إن الأمر:"لم يُطرح بأي شكل فيما يتعلق بالتأثير على فرص الاستثمار الآخذة في التنامي".

استثمارات قطرية
وكان رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني السابق ومدير الاستثمار الذي يشرف على جزء كبير من استحواذات البلد العربي الخليجي في بريطانيا تحدث علناً ضد التصويت بالانسحاب.

وقال:"جميعنا في الشرق الأوسط نُريد أن نرى أوروبا قوية، ونعتقد أن التكامل الاقتصادي شرط أساس لتُصبح أقوى، في الواقع نعتقد أنه على المملكة المتحدة البقاء في الاتحاد الأوروبي، وأن تقوده أيضاً" واصفاً لندن بـ"العاصمة المالية للعالم".

وتعد قطر من أكبر المستثمرين في لندن، وتملك معالم مثل ناطحة السحاب شارد، ومتجر هارودز، والقرية الأولمبية إلى جانب فنادق فاخرة، وتقود اتحاداً اشترى الشركة المالكة لحي المال والأعمال كناري وارف العام الماضي.

وفي الوقت الذي عمد فيه صندوق الثروة جهاز قطر للاستثمار إلى تنويع محفظته بدلا من التركيز على أوروبا متجهاً صوب زيادة الاستثمار في الولايات المتحدة، وآسيا في العامين الأخيرين، فإن استثماراته الضخمة في بريطانيا لا تزال قائمة مثل حصصه في باركليز، ورويال داتش شل، وسينسبري.

وقال مصرفي قطري كبير يعمل مع مستثمرين سياديين ومستثمرين من القطاع الخاص، إنه إذا صوتت بريطانيا لصالح الانسحاب "فسترى ضربة عنيفة للاستثمارات".

وقال إن المستثمرين مازالوا يعكفون على التفاصيل دون وضع اللمسات الأخيرة إلى أن تتضح الصورة.

وقال:"يترقبون ما سيحدث، لكن الناس مازالوا يعكفون على أشياء جديدة لأن إنجازها يستغرق شهوراً".

ووفق معهد صناديق الثروة السيادية، تبلغ قيمة الأصول العالمية تحت إدارة جهاز قطر للاستثمار 256 مليار دولار.

وللصندوق سبعة مليارات دولار على الأقل في أسهم متداولة ببورصة لندن التي يملك الصندوق 10.3 % فيها.

وقال الشيخ حمد في أبريل (نيسان) إن إجمالي الاستثمارات القطرية في بريطانيا حوالي 30 مليار جنيه استرليني (44 مليار دولار) في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز.

كويتية وعُمانية
وتُمثل الهيئة العامة للاستثمار الكويتية التي تبلغ قيمة الأصول تحت إدارتها 592 مليار دولار، وفق معهد الصناديق السيادية، مستثمراً كبيراً آخر، من خلال مكتبها في لندن. 

وفي 2013 قالت الهيئة إن الصندوق عزّز استثماراته في بريطانيا لأكثر من مثليها على مدى العشر سنوات السابقة إلى أكثر من 24 مليار دولار.

ومثل قطر تملك الكويت معالم لندنية مثل مشروع مور وان، المطل على ضفة النهر، ويضم مقر رئيس البلدية إلى جانب مبانٍ في كناري وارف. 

وتُركز الهيئة على استثمارات البنية التحتية عبر وحدتها رين هاوس لإدارة البنية التحتية التي تأسست 2013.

 وقال  كبير الاقتصاديين بالصندوق العماني للاستثمارفابيو سكاتشيافيلاني الذي يقول معهد الصناديق السيادية إن الأصول تحت إدارته ستة مليارات دولار، إن الضبابية التي ترافق الإطار القانوني والتنظيمي في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مبعث قلق لأي مستثمر كبير في بريطانيا.

وقال:"إذا استثمرت صناديق الثروة السيادية بالمنطقة في الأصول البريطانية، فمن الطبيعي أن يساورها القلق على توقعات عوائدها في المدى الطويل" مضيفاً أن معظم الصناديق ستُرجئ قراراتها لما بعد الاستفتاء.

وأضاف أن"خروج بريطانيا ينطوي على فترة تأقلم طويلة، وقد تكون شائكة، وسيتعين على المملكة المتحدة إجراء مفاوضات بخصوص العلاقات التجارية".

وكان تقرير للخزانة البريطانية في أبريل(نيسان) توقع تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بين 10 و26 % بعد 15 عاماً في صورة الخروج من الاتحاد الأوروبي، مقارنةً مع البقاء ضمنه.
 
وقال رجل أعمال سعودي يلتقي بشكلٍ منتظم بالمسؤولين الخليجيين، إن كل دول الخليج العربية قلقة من احتمالات التصويت لصالح الانسحاب من الاتحاد. 

وقال إن الحكومة البريطانية أُبلغت بشكل غير رسمي، وعلى عدة مستويات، بتلك المخاوف مضيفاً أن الخروج سيؤثر على الاستثمارات.

24

 
 
زر الذهاب إلى الأعلى