عرب اوروبا
يورو برس عربية تزور مراكز اللاجئين في بلجيكا : تأخير في الاجراءات ونقص في مراكز الايواء
يورو برس عربية / بروكسل – خاص
عندما قرر الاف المهاجرين غير الشرعيين مغادرة بلادهم ، وخوض مغامرة الهرب الى أوروبا . فانهم بذلك ادركوا جيدا ان لا خلاص لهم من الموت والتشرد داخل اوطانهم الا بالوصول الى ارض احلامهم (اوروبا) .. وما ان يتمكن اللاجئين من عبور مخاطر البحر الابيض المتوسط الذي ابتلعت مياهه اكثر من (2500) لاجئ حتى الان ، حتى تبدأ رحلة التنقل برا بين بلدان اوروبا ، بدءا من شرقها الطارد للمهاجرين ، حتى الوصول الى البلد الذي قرر كل منهم الاستقرار فيه .. وبلجيكا احد الدول التي يقصدها اللاجئون العراقيون والسوريون على حد سواء.
لا يعني وصولك الى بلجيكا ان المعاناة انتهت، بل ان فصولا اخرى من المعاناة والانتظار والارهاق تبدأ من هناك . فقد لاحظ موفد “يورو برس عربية” الى العاصمة بروكسل مئات اللاجئين ، واغلبهم من سوريا والعراق يفترشون الارض، حيث لا مأوى كاف يستوعب جميع اللاجئين.
ويقضي معظم هؤلاء اللاجئين ليلتهم في العاصمة البلجيكية بروكسل في حديقة امام مفوضية اللاجئين حيث نصب لهم بعض المتطوعين خياما صغيرة لعلها توفر لهم فرصة للراحة بعد عناء التنقل عبر بلدان اوروبا لمسافات طويلة.
يقول احد اللاجئين العراقيين لمراسل “يورو برس عربية” : “نحن هنا لان بلداننا العربية لم تستطع توفير متر واحد نلجأ اليه بعيدا عن الموت، ولم تستطيع حكوماتنا توفير الامن والامان والعيش بكرامة، ما اضطرنا التوجه الى اوروبا كما فعل الرسول الكريم (ص)في بداية رسالته حين توجهه المسلمين الى ملك الحبشه النصراني الذي لايظلم لديه احد”.
عائلات عراقية مسلمة ومسيحية قررت حرق مراكبها والرسو في بلد غريب هربا مما وصفته ”خطر الاضطهاد الطائفي” الذي طال تهديده حياتها وحياة أطفالها في ظل عدم تمكن السلطات العراقية حماية أرواحها.
العراقيون المهاجرون إلى اوربا ينتمون لكافة ألوان الطيف العرقي والديني العراقي، وأكدوا ل “يورو برس عربية” أن هربهم من بلادهم وتجاهل السلطات لضرورة حماية حياتهم لم ينالا من حبهم لأبناء وطنهم، وأن ”الطائفية” فرقتهم داخل بلدهم، لكن المعاناة والمأساة جمعتهم خارجه، وفي اوروبا بالتحديد التي فروا إليها بحثا عن بالاستقرار والأمان.
إلا أن هؤلاء المهاجرين وجدوا أنفسهم أمام فصل جديد من المعاناة، فحاجز اللغة وتاخير إجراءات لجوئهم أصبحا أيضا مصدر تهديد لحياتهم، وإن اختلف جوهريا عن ذاك الذي دفعهم للهرب من بلدهم.
ويشكو المهاجرون العراقيون من تأخر إجراءات اللجوء في بلجيكا، وعدم وجود مكان مناسب لمنامهم.
ولدعم مثل تلك العائلات قامت مجموعة من العراقيين المقيمين ببلجيكا يوميا منذ اربعة ايام بجلب وجبات طعام عراقي تقوم زوجاتهم باعدادها للاجئين ،كما صرح ليورو برس عربية السيد ثائر التميمي الذي قال “العراقيون اخواني والواجب الانساني يفرض علينا مساندتهم ومساعدتهم في هذا الظرف العصيب. واضاف انهم يقومون بإصطحاب العوائل العراقية التي وصلت حديثا الى منازلنا لغرض الاستحمام وأخذ قسط من الراحة ولو قليلا ، لان مكان اللاجئين الحالي غير مناسب ولا تتوفر فيه المستلزمات الكافية بسبب اكتظاظه باعداد لم تكن متوقعة.
وفضلا عن المواد الغذائية وبعض المساعدات البسيطة التي يتبرع بها بلجيكيون وعرب، كان هنالك الطفل حاتم عيسى، وهو بلجيكي من اصل مغربي في السابعة من عمره مع شقيقته البالغة من العمر ( 5 سنوات ) حيث بادرا بالتبرع بإلعابهم الشخصية للاطفال اللاجئين الجدد.
ويعتذر الطفل حاتم وشقيقته منهم ببراءة الطفوله وبكلام عربي غير مفهوم عن عدم استطاعته جلب العاب جديدة لهم .
وغير بعيد عنهما كانت “فنيسا” وهي مواطنة بلجيكية تعمل كالنحلة متنقلة بين خيمة وأخرى تقدم المساعدة للعائلات وتوفر لهم إحتياجاتهم.
“فينيسيا فنانة إستثمرت عملها للضغط على شركة الكهرباء لغرض انارة مخيم اللاجئين وكذلك طلبت من شركة الاتصالات توفير هواتف بكامل الخدمة للقادمين الجدد، لغرض الاتصال بإهلهم في العراق .
وتحدث موفد “يورو برس عربية” الى عدد اخر من اللاجئيين العراقيين حيث قال حكيم عبد عاشور مواليد 1965 في بغداد، ويعمل سائق تاكسي وأب لثلاثة أولاد وبنتين تركهم في العراق قال انه بدأ رحلة اللجوء من بغداد حيث إتفق مع مهرب عراقي هو ومجموعة من الشباب العراقيين لتهريبهم من العراق بمبلغ قدره 8000$ لكل شخص عن طريق تركيا ومن ثم الى اليونان بواسطة زورق مطاطي يتسع لعشرين شخص، ولكن المهربين وضعوا فيه 67 شخصا. وقبل وصولهم الى الشواطئ اليونانية غرق بهم الزورق ، ولولا الرعاية الالهية لكان مصيرهم الموت، حيث تمكنت سفينة يونانية من إنقاذهم ، بإستثناء (9) أشخاص غرقوا قبل ان يتم انقاذهم وجميعهم عراقيون.
بعد ذلك اكملوا طريقهم الى بلجيكا مشيا على الاقدام لمدة 17 يوما عبر الغابات والجبال وقد تعرضوا الى السلب والضرب من قبل بعض الناس اثناء طريقهم.
وعن اسباب تركه العراق اجاب وهو يبكي “الحكومة العراقية الله لايوفقهم” حسب قوله .
تروي أم شمس ل “يورو برس عربية” بصوت ملئ بالحزن كيف أنهم أجبروا على بيع كل ما يملكونه في مدينتهم ديالى ليوفروا تكاليف الهجرة الى أوروبا للنجاة من القتل، بعد تحول رسائل التهديد التي وجهت إليهم إلى حقيقة تهدد حياة عائلتها وتفجير صالون زوجها الذي يمتلكه.
وتساءلت ماذا عسانا فاعلين ”إذا فجر مجهولون محل الحلاقة الخاص بزوجي والذي كنا نسترزق منه”. ورغم عدم توجيهها الاتهام إلى جهة معينة، لكنها أكدت أنه أصبح من المستحيل مواصلة الإقامة في العراق ”بعد تزايد عمليات التفجير والقتل العشوائي في الشوارع والأسواق”.
وعند سؤالها ما إذا كانوا يفكرون في العودة للعراق إذا ما تقطعت بهم السبل بأوروبا، صرخت مرتعبة ”مستحيل! أهون علي أن أبقى في هذه الخيمة الامنة مع زوجي وأطفالي على العودة للعراق .
وعبرت ام شمس التي تخرجت حديثا من معهد التمريض ولم تحصل على عمل في العراق عن أملها في الحصول على لجوء في بلجيكا ينتشلهم من مأساتهم.
أما زهراء ماجد ، وهي من مواليد 1997 من محافظة ديالى في العراق ، ام لطفل وتنتظر مولودا اخر خلال اشهر ، فقالت ان الوضع سئ جدا والتهديدات كثيرة وجدية، والخدمات معدومة، ولايوجد آمان مما دعاها وزوجها الى بيع سيارتهم الخاصة، وإقتراض بعض المال من أهلها لغرض الهجرة . حيث كلفتهم الرحلة (15000$) من تركيا الى بلجيكا.
واخبرتنا زهراء الصعوبات والالم التي مرت بها اثناء المسير من اليونان الى بلجيكا لكونها حامل ولا تتلقى اي عناية طبية، ولكنها نجحت بالحفاظ على عائلتها وزوجها .
معاناة اللاجئين لم تنته الى هذا الحد ، فقد بدأت الان مرحلة جديدة من الانتظار والقلق من المصير المجهول ، الذي ربما يأمل كثيرون منهم ان يكون بوابة لامل جديد ينقذهم مما كانوا فيه ، ويفتح لهم ابواب المستقبل الآمن بعيدا عن مدن الموت والقتل والتشريد .
كتابة وتصوير : باسم الصفار
وكالة الصحافة الاوروبية بالعربية – الحقوق محفوظة